الْأُسْتَاذ/ مُحَمَد احْمّد عَلَي كَاجُوّر الْنُعَيْمَي (حغِظُه الْلَّه)

الْأُسْتَاذ/ مُحَمَد احْمّد عَلَي كَاجُوّر الْنُعَيْمَي (حغِظُه الْلَّه)

- ‎فيسيرة الذين تربطهم علاقة معه
2959
0
صورة مصغرة تلقائية

ابْن الْنَّوَاخِذَة الْمُدَلَّل خَرَج لِلْغَوْص فِي عُمْر الْسَّابِعَة
الْأُسْتَاذ/ مُحَمَداحْمّد عَلَي كَاجُوّر الْنُعَيْمَي (حغِظُه الْلَّه)

تَعَلَّمْت الْتَصَوَيْر فِي السَّعُوْدِيَّة

 

هُو أَحَد أَبْنَاء عَجْمَان الْمَعْرُوْفِيْن، وُلِد وَنَشَأ فِيْهَا، لَعِب مَع أَقْرَانِه عَلَى سَوَاحِل الْمَدِيْنَة الْجَمِيْلَة، تَعْلَم فِي كْتَاتِيبُهَا، وَفِي بِدَايَة شَبَابِه، سَافَر مَع بَعْض أَهْل الْإِمَارِات إِلَى الْدَّمَّام فِي السَّعُوْدِيَّة وَعَمِل فِيْهَا فِي عِدَّة أَعْمَال وَهُنَاك تَعْلَم الْتَصَوَيْر، وَبَعْد عَوْدَتِه إِلَى أَرْض الْوَطَن عَمِل فِي عِدَّة أَعْمَال حَتَّى احْتَرَف الْتَصَوَيْر، وَعَمِل فِي مَكْتَب الْإِعْلَام بِإِمَارَة الْشَّارِقَة وَالْتَقِط الْعَدِيْد مِن الْصُّوَر لِصَاحِب الْسُّمُو الْشَّيْخ الدُّكْتُوْر سُلْطَان بْن مُحَمَّد الْقَاسِمِي عُضْو الْمَجْلِس الْأَعْلَى حَاكِم الْشَّارِقَة، كَمَا رَافَق الْمَغْفُوْر لَه، بِإِذْن الْلَّه، الْشَّيْخ زَايِد بْن سُلْطَان آَل نَهْيَان مُؤَسِّس الْدَّوْلَة ضِمْن الْعَدِيد مِن الْوُفُود الْرَّسْمِيَّة إِلَى خَارِج الْدَّوْلَة . إِنَّه الْمُصَوِّر الإِمَارَاتِي مُحَمَّد أَحْمَد عَلَي كَاجُوّر الْنُعَيْمَي الَّذِي يَنْقِل إِلَيْنَا ذِكْرَيّاتِه الْمُمْتَدَّة لِأَكْثَر مِن سِتِّيْن سَنَة مَضَت .أَنَا مِن مَوَالِيْد الْعَام 1934 وَكَان مَكْتُوْبَا فِي جَوَاز سَفَرِي الْقَدِيْم أَنَّنِي مِن مَوَالِيْد عَام 1356 هَجْرِي، وُلِدْت فِي عَجْمَان فِي فَرِيْج الْوَسَط، حَيْث كَانَت تَعِيْش أُسْرَتِنَا، وَمَن جِيْرَانَنَا أَذْكُر بَيْت رَاشِد بْن سَيْف الْحُمْرَانِي أَبُو خَمِيْس، وَهُو مِن الطَواوِيش الْكِبَار، وَقَوْم جُمُعَة الْمَعْي، وَهُو صَدِيْق الْوَالِد وَمِن كِبَار الطَواوِيش، وَقَوْم سُلْطَان بُوَحْسن، وَقَوْم الْحُمْرَانِي حَمِيْد بْن سَيْف، وَقَوْم بَوَيُوسُف، وَهَؤُلَاء كُلُّهُم أَهْل بَحْر مِن طَّواووَيش وَغْوَاوَيص . وَكَان شَيْخ الْعِلْم عِنْدَنَا الْشَّيْخ عَبْدِالْكَرِيْم الْبَكْرِي، وَهَذَا دَرَسْت عِنْدَه الْقُرْآَن، حَيْث كَان أَخِي عَبْدِالْرَّحْمَن يُذْهِب إِلَيْه وَكَانَت أَصْحَبَه، وَعِنْدَمَا كُنْت أَقْصِد أَخْوَالِي قَوْم الْكَيَتُوب فِي شِعِم كُنْت أَدْرُس عِنْد مُطَوَّع هُنَاك وَهُو صَالِح بْن أَحْمَد الْمْطَوِّع، وَهَذَا خَال أَخْوَالِي، وَكَان هَذَا نَحْو الْعَام 1945 .قَضَيْت طُفُوْلَتِي كأَقْرَانِي مِن الْصَّبِيَّة فِي الْلَّعِب قُرْب الْبَحْر، حَيْث الْأَلْعَاب الْشَّعْبِيَّة الْمَشْهُوْرَة قَدِيْمَا، وَلَمَّا بَلَغَت سِن الْسَّابِعَة أَخَذَنِي وَالِدَي مَعَه فِي رِحْلَة الْغَوْص، وَكُنْت حِيّنَهَا لَا أَعْرِف الْسِّبَاحَة وَأَخَذَنِي وَالِدَي بِالْغَصْب وَحَدَث نِزَاع بَيْن وَالِدَي وَوَالِدَتِي بِهَذَا الْخُصُوْص، وَكُنْت فِي السَّفِيْنَة الْوَلَد الْمُدَلَّل، حَيْث إِنَّنِي ابْن النُوخْذّة .كَان أَهْلِنَا أَصْحَاب خُشُب (سُفُن) وَكَان لِوَالِدَي عِدَّة سُفُن مِنْهَا سَفِيْنَة اسْمُهَا “الدِروَازَة” وَثَانِيَة اسْمُهَا “بُوَسْعُوّد” وَالْثَّالِثَة لَا أَذْكُر اسْمُهَا بِالضَّبْط وَلَعَلَّه “الْمُوَتِّر”، وَكَان وَالِدَي نُوْخَذَة السَّفِيْنَة “بُوَسْعُوّد”، وَكَان نُوْخَذَة “الدِروَازَة” أَخِي الْأَكْبَر عَبْدِاللّه، وَالسَّفِيْنَة الثَّالِثَة كَان نُّوخَذَهَا أَخِي خَلِيْفَة، وَكَان وَالِدَي يَغُوْص فِي هِيْرَات الْخَلِيْج مِثْل هّيّر أَم الْشِّيْف وَبِالبَزِم وَأُم الصَّلْصَل وبِوَالْبْخُوّش وَغَيْرِهَا مِن هِيْرَات .كَاجُوّر
بَعْد انْتِهَاء مَوْسِم الْغَوْص هُنَا عِنْدَنَا فِي الْخَلِيْج، وَإِن كَانَت حَصِيْلَة الْغَوْص ضَعِيْفَة مَن الْلُّؤْلُؤ، كَان وَالِدِي يُذْهِب إِلَى “سَيَلَان” وَيَكُوْن الْمَوْسِم عِنْدَهُم مَوْسِم الْخَرِيْف، وَيَغُوصُون هُنَاك قُرْب سَوَاحِل الْجَزِيرَة، حَيْث الَمَكَان هُنَاك مَن الْأَمَاكِن الَّتِي تَكْثُر فِيْه الْمَغاصَات وَفِيْه لُؤْلُؤ طَيِّب وَلَكِن لَا يَصِل إِلَى جَوْدَة لُؤْلُؤ الْخَلِيْج . وَحُصِّل فِي إِحْدَى الْرِحْلَات أَن هَبَّت عَلَيْهِم عَاصِفَة فَطُبِع مَحْمَلَهُم (غَرِقَت سَفِيِنَتِهِم) فَهَلَك الْكَثِيْر مِن الِيَزْوّة (الْبَحَّارَة) وَتَشَتَّت مِن نَجِي مِنْهُم، وَمِمَّن نَجَا كَان وَالِدِي وَأَحَد رْفِقَاه وَوَصْلَا إِلَى سَوَاحِل جَزِيْرَة سَيَلَان وَهُنَاك لَم يَجِدَا مَا يَأْكُلانِه فَأَخَذَا فِي طَلَب الْطَّعَام وَكَان وَالِدَي يَصِيْح بِأَهْل الْجَزِيْرَة وَيَطَلْبِهُم وَيَقُوْل: يَا الْلَّه مِن مَال الْلَّه كَاجُوّر كَاجُوّر . وكَاجُوّر بِالْهِنْدِيَّة تَعْنِي الْتَّمْر، فَأَعْطَاهُمَا السَيْلانِيُّون الْتَّمْر وَالْطَّعَام وَبَقِيَّا فِي سَيَلَان مُدَّة إِلَى أَن وَجَدَا مَن تَعَرَّف إِلَيْهِمَا مِن أَهْل الْإِمَارِات وَأَقَلُّهُمَا وَأُرْجِعْهُما إِلَى الْبِلاد، وَمِن هُنَا عُرِف وَالِدَي بِلَقَب “كَاجُوّر” وَعُرِف الَّذِي مَعَه بِلَقَب “جُوَكْرَاه” أَي الْقَصِير وَهُو عَلَي بْن أَحْمَد جُوَكْرَاه وَهُو أَيْضا مِن الْنَّعِيم مَن أَهَل عَجْمَان وَهَذَا أَنْجَب وَلَدَا وَاحِدَا وَقَد مَات، كَمَا كَان وَالِدِي وَأُخُوَّتِي يَقْصِدُوْن “سُقُطْرَى” بَعْد انْتِهَاء مَوْسِم الْغَوْص عِنْدَنَا وَيَغُوصُون هُنَاك، وَأَنَا ذَهَبَت إِلَى سُقُطْرَى مَع الْأَهْل فِي الْسَّنَة الَّتِي خَرَج الْإِنْجِلِيْز مِنْهَا بَعْد الْحَرْب الْعَالَمِيَّة الْثَانِيَة، وَرَأَيْت الْسَّيَّارَات وَالْمُعَدَّات الَّتِي أَحْرَقَهَا الْإِنْجِلِيْز لِكَي لَا يَسْتَخْدِمُهَا مِن بَعْدِهِم أَي أَحَد، وَأَرَاد أَهْلِي اصْطِحَابِي بَعْدَهَا بِعِدَّة سَنَوَات فِي الْخَمْسِيْنِيَّات وَلَكِنَّنِي لَم أَذْهَب، وَذَهَب أَبِي وَبِصُحْبَتِه أَخِي عَبْدِالْرَّحْمَن وَهُنَاك مَرَض الْوَالِد وَأُصِيْب بِالْمُصِرَان الْأَعْوَر وَأَجْرُوا لَه عَمَلِيَّة جِرَاحِيَّة فِي مُسْتَشْفَى بَنَاه الْإِنْجِلِيْز هُنَاك وَلَكِن بَعْد خُرُوْجِه بِقَلِيْل مَات، رَحِمَه الْلَّه، وَتَزَوَّج وَالِدَي بِأَرْبَع نِسَاء وَأَنْجَب أَرَبَعَا وَعِشْرِيْن مِن الْأَبْنَاء وَمَات بَعْضُهُم فِي حَيَاتِه، وَعِنْدَمَا مَات كَان اثْنَا عَشَر مِن أَبْنَائِه عَلَى قَيْد الْحَيَاة، سِتَّة مِن الْأَوْلَاد وَسِت مِن الْبَنَات، وَالْأَوْلَاد أَكْبَرُهُم عَبْدِاللّه ثُم خَلِيْفَة ثُم إِبْرَاهِيْم وَمَن بَعْدَه عَبْدَالْرَّحْمَن وَيُوْسُف وَبَعْدَهُم أَنَا فِي الْتَّرْتِيْب، وَالْبَنَات هُن مَوْزَة وَمَرْيَم وَفَاطِمَة وَآَمِنَة وُعَلْيَاء وَنَاعِمَة، وَنَحْن كَأَسِرَّة نَنْتَمِي إِلَى قَبِيْلَة الْنَّعِيم وَمَن آَل بْوخْرِيْبَان وَتَعُوْد أُصُوْلِنَا إِلَى “الْبُرُيِمِي” .
بَعْد وَفَاة وَالِدِي ذَهَبَت مَع أُمِّي وَسَكَنَّا فِي شِعِم وَنَشَأَت وَسَط أَخْوَالِي، وَكَانُوْا أَهْل نَّخِيْل وَمَزَارِع وَنَشَأَت وَسْط هَذِه الْبِيْئَة الْجَمِيْلَة وَالْطَّبِيْعَة الْخَلَابَة إِلَى أَن أَصْبَحَت فِي سِن الْشَبَاب، وَعِنْدَمَا بَلَغَت سِن الْسَّابِعَة عَشْرَة سَافَرَت مَع عَدَد مِن أَهْل شِعِم وَغَيْرِهِم مِن أَهْل الْإِمَارِات إِلَى الْسُّعُوْدِيَّة وَقَصَدْنَا مَدِيْنَة الْدَمَّام، وَخَرَجْنَا مِن دُبَي فِي لَنْج (سَفِيْنَة)، حَيْث كَانَت الْسُّعُوْدِيَّة فِي بِدَايَات نَهْضَتِهَا الْنِّفْطِيَّة وَفُرَص الْعَمَل مُتَوَافِرَة وَخَاصَّة فِي الْمِنْطَقَة الْشَّرْقِيَّة، حَيْث شَرِكَات الْنَفْط الْعَامِلَة هُنَاك، وَعَمِلْت فِي الْبِدَايَة فِي مَحَل لِبَيْع الْمَوَاد الْغِذَائِيَّة صَغِيْر جَدَّا، وَمَن ثُم عَمِلَت فِي شَرِكَة مُقَاوَلَات مُرَاسِلَا يُرْسِلْنِي أَصْحَابِهَا إِلَى مُخْتَلِف الْأَمَاكِن الَّتِي لَهُم عِلَاقَة عَمِل مَعَهَا، وَعَمِلَت فِيْهَا عَامَيْن ثُم رَجَعَت إِلَى الْبِلاد .
بَعْد مُدَّة وَبَعْد أَن تَزَوَّج مُحَمَّد بْن سُهَيْل الْكُتَبِي وَالِد الدُّكْتُوْرَة ابْتِسَام الْكُتَبِي مِن ابْنَة أُخْتِي وَأَصْبَح بَيْنِنَا نَسَب، ذَهَبَت مَعَه إِلَى الْدَّمَّام مُرَّة أُخْرَى وَعَمِلْت فِي مَحَلِّه الْخَاص هُنَاك الَّذِي افْتَتَحَه مُنْذ سَنَوَات قَلِيْلَة، حَيْث كَان يَعْمَل هُنَاك وَمَعَه أَخَوَاي خَلِيْفَة وَعَبْدَالْرَّحْمَن، وَكَان مُحَمَّد بْن سُهَيْل يَبْيِع فِي الْمَحَل مُخْتَلِف الْأَجْهِزَة وَالْمُعَدَّات الْمَنْزِلِيَّة وَمَوَاد الْبِنَاء وَالْمَوَاد الْمَكْتَبِيِّة وَغَيْرِهَا مِن بِضَائِع وَسَلْع، وَمَن ضَمِن مَا كَان يَبِيْع آَلَات الْتَصَوَيْر وَالْسَّاعَات وَأُسْطُوَانَات الْمُوْسِيْقَا، وَكَان هُو يْغَنِّي أَيْضا وَصَوْتُه جَمِيْل، فَطَلَب مِنِّي أَن أُؤَسِّس لَه قَسَمَا خَاصَّا بِالتَّصْوِيْر فِي الْمَحَل، وَفِعْلَا بَدَأَت أَتَعَلَم فُنُوْن الْتَصَوَيْر وَعَمِلَت مَعَه قَرَابَة ثَلَاث سَنَوَات، وَتَعَلَّمْت وَصُوِّرَت بِكَامِيْرِا مِن مَارْكَة “رَوَّل فَلِكْس” لاأَزَال أَحْتَفِظ بِهَا، وَكَانَت هَذِه الْكَامِيْرَا مِن الْكَامِيْرَات الْمُتَطَوِّرَة وَالْغَالِيَة وَكَان سِعْرُهَا يُرَاوْح بَيْن الثَمَانِمِئَة وَأَلَّف وَمِئَتَي رِيَال سُعُوْدِي آَنَذَاك، وَبَعْدَهَا رَجَعَت إِلَى شِعِم وَبَقِيَت مَع الْوَالِدَة وَالْأَهْل مُدَّة شَهْرَيْن تَقْرِيبِا، وَمَن ثُم عُدْت إِلَى الْدَّمَّام فَاسْتَقلَلت عَن نَسِيْبَي مُحَمَّد بْن سُهَيْل وَقُمْت بِفَتْح مَحَل تَصِوَير خَاص بِي، وَكَان يُوْجَد اسْتُودْيُو تَصِوَير يُرِيْد صَاحِبُه بَيْعَه، فَذَهَبَت إِلَيْه وَاشَتَريْتُه وَدَفَعْت لِصَاحِبِه مُبَلِّغا مُنَاسِبَا وُصِل إِلَى أَرْبَعَة آَلِاف رِيَال تَقْرَيْبَا، وَكَان الِاسْتُودْيُو فِي وَسَط الْدَّمَّام فِي بِنَايَة الْحَاج عَلِي بْن أَحْمَد الْسَيَهَاتِي، وَأَذْكُر أَنَّنِي اشْتَرَيْت الْمَحَل فِي الْوَقْت الَّذِي حَصَل فِيْه انْقِلَاب فِي الْعِرَاق عَام ،1958 وَبَعْد مُدَّة أُدْخِلَت وَاحِدَا مِن الْجَمَاعَة شَرِيْكَا مَعِي فِي الْمَحِل وَهُو أَحْمَد بْن يُوَسُف بْن لوَتَاه، وَهُو مُصَوَّر إِمَارَاتِي مَعْرُوْف، وَبَقِيْنَا مَعَا لِعِدَّة سَنَوَات ثُم تَرَك أَحْمَد بْن يُوَسُف الْدَّمَّام وَعَاد إِلَى الْبِلاد، وَبَعْدَهَا دَخَل عَبْدُالْرَّحْمَن أَمِيْن شَرَاكَة مَعِي فِي الْمَحَل، وَهَذَا أَخ عَبْدِاللّه أَمِيْن الْمُسْتَشَار فِي دِيْوَان حَاكِم عَجْمَان، وَأَسْمَيْت الِاسْتُودْيُو اسْتُودْيُو الْنَّصْر .
بَعْد ذَلِك قُمْت بِبَيْع الْمَحَل وَصَار عِنْدِي مَبْلِغ مِن الْمَال وَكَان عِنْدِي جَار لُبْنَانِي يُسَمَّى خَلِيْل يَبِيْع الْفَوَاكِه فَطَلَبَت مِنْه أَن يَجْلِب لِي تُفَّاحَا وَبُرْتُقَالِا مِن لُبْنَان لِآِخُذَه مَعِي إِلَى دُبَي فَأَحْضَر لِي سَيَّارَة فِيْهَا أَلْف وَمِئَتَا كَرْتُونَة بُرْتُقَال وَتُفّاح وَسِرْنَا بِهَا إِلَى فُرْضَة “الْخَبَر” وَحَمَلْنَاهَا فِي مَرْكِب لَوَاحِد مِن رَأْس الْخَيْمَة وَفِي الْطَّرِيْق ضَرَبْتَنَا شَمَال وَدَخَلْنَا الْصِّيْر وَبَقِيْنَا هُنَاك مُدَّة أُسْبُوْع إِلَى أَن هَدَأَت الْرِّيَاح، وَأَخَذْنَا فِي الْطَّرِيْق مُدَّة خَمْسَة عَشْرَة يَوْمَا، وَوَصَلْنَا بَعْدَهَا إِلَى دُبَي، وَمَا أَن وَصَلْنَا حَتَّى وَجَدْنَا أَن أَكْثَر مِن نِصْف الْبِضَاعَة تَلِف، وَبِعْنَا الْسَّالِم مِنْهَا لِرَجُل فِي سُوْق دُبَي يُسَمَّى يُوَسُف خُمَاس، وَاسْتَلَمَت الثَّمَن وَقَال لِي مُحَمَّد رَاشِد الْكَيَتُوب وَالِد رَاشِد وَأَحْمَد: عَطْنِي فْلُوسَك وَسَأَشَغْلَهَا فِي تِجَارَة الْذَّهَب، فَأَعْطَيْتَه الْمَبْلَغ وَشَغَلَهَا فِي تِجَارَة الْذَّهَب، وَكَانَت فِي ذَلِك الْوَقْت رَائِجَة بَيْن الْخَلِيْج وَالْهِنْد، فَرَبِح نَاس مِنْهَا الْكَثِيِر وَنَاس خَسِرُوَا فْلُوسْهُم، فَمَرَّة يَقُوْلُوْن لَك رَبِحَت وَمَرَّة يَقُوْلُوْن لَك خَسِرَت، فَقُمْت وَأَخَذْت فْلُوسِي وَأَخَذْت لِي أَرْضَا وَبُنِيَت لِي مَنْزِلَا فِي عَجْمَان بِسَبْعَة آَلَاف رُوْبِيَّة، وَكَان الْمُنْزَل فِي فَرِيْج الْنَّخْل قُرْب فَرِيْج الْوَسَط وَقَرُب الْبَحْر، وَكَان يَسْكُنُه قَدِيْمَا البُلُوّش الَّذِيْن يَعْمَلُوْن فِي الْنَّخِيل، وَقُمْت بِإِحْضَار أَهْلِي مِن شِعِم وَهُم جَدَّتِي وَأُمِّي وَأُخْتِي وَسَكَنَّا فِي هَذَا الْمَنْزِل، وَبَعْد ذَلِك تَزَوَّجَت وَأُسْكِنَت زَوْجَتَي مَع الْأَهْل فِي نَفْس الْبَيْت، وَمِن ثَم قَرَّرْت الْرُّجُوْع مَرَّة ثَانِيَة إِلَى الْدَّمَّام وَطَلَبْت مِن زَوْجَتِي الْسَّفَر مَعِي فَرُفِضِت وَالِدَتِي فَسَافَرَت وَحْدِي، وَبَعْد مُدَّة طَلَبْت الْطَّلَاق فَوَكَلْت أَحَد الْأَشْخَاص وَطَلِّقْهَا بِالْوَكَالَة، وَلَم أَنْجَب مِنْهَا، وَفِي الْدَّمَّام أَخَذَت مَحَلَّا فِي نَفْس الْبِنَايَة الَّتِي فِيْهَا مَحَلِّي الْقَدِيْم وَجُعِلَت مِنْه اسْتُودْيُو وَقُمْت بِالتَّصْوِيْر مُدَّة مِن الْزَّمَن، وَبَقِيَت فِي الْدَّمَّام مُدَّة جَمَعَت فِيْهَا مُبَلِّغا مِن الْمَال لَا بَأْس بِه وَقَرَّرَت الَرْجُوَع إِلَى الْبِلاد، وَقُمْت بِبَيْع الِاسْتُودْيُو إِلَى شَخْص يَمَنِي، وَذَهَبَت إِلَى أَحْمَد الْجَابِر وَهَذَا مُتَعَهِّد لِشَرِكَة أَرانْكُو يَعْمَل لَهُم الْخُبْز وَطَلَبَت مِنْه تَوْفِيْر الْمُعِدَّات الْخَاصَّة بِالْمَخَابِز وَاشْتَرَيْت مِنْه الْمُعِدَّات الْخَاصَّة بِصِنَاعَة الْخُبْز وَالصِمُون وَالْمُعَجّنات وَأُحَضَرَتِهَا مَعِي إِلَى الْبِلاد وَفُتِحَت مَخُبْزا فِي دُبَي فِي مِنْطَقَة الْسَّبَخَة فِي بِنَايَة ابْن غَرِيْر الَّتِي مَحَلُّهَا الْآَن مَرْكَز الْمَنَال، وَأَسْمَيْتُه مَخْبَز الْخَلِيْج .
وَبَقِيَت أُدِيْر الْمَخْبَز عِدَّة سَنَوَات وَبَعْد ذَلِك تَعِبْت مِن هَذَا الْعَمَل الَّذِي لَيْس لِي فِيْه الْكَثِيِر، وَبَعْد أَن أَخَذ بْن غُرَيْر بِزِيَادَة الْإِيْجَار عَلَي فِي كُل عَام، قُمْت بِتَأْجِير الْمَخْبَز إِلَى مُصْطَفَى الْفِلِسْطِيْنِي صَاحِب مَخْبَز مُصْطَفَى، وَبَعْدَهَا تَزَوَّجَت لِلْمَرَّة الْثَّانِيَة وَأَخَذَت زَوْجَتَي مَعِي، وَأَوْلادِي الْكِبَار أَحْمَد وَنَاصِر وَمَرْيَم وُلِدُوْا وَعَاشُوْا طُفُوْلَتَهُم هُنَاك فِي الْدَّمَّام، وَأَنَّا لَمَّا سَافَرَت إِلَى الْدَّمَّام هَذِه الْمَرَّة عَمِلَت لَدَى نَفْس الْشَّخْص الْيَمَنِي الَّذِي اشْتَرَى مِنِّي اسْتُودْيُو الْتَصَوَيْر، وَوَكَّلْت قَوْم ابْن غَرِيْر لِتُسَلِّم الْإِيْجَار الْخَاص بِالمَخُبز إِلَى جَانِب تُسَلِّمُهُم لِإِيْجَار الْمَحَل الْخَاص بِهِم، وَبَعْد مُدَّة مَات الْرَّجُل وَلَمَّا عُدْت وَطَالَبَت بِحَقِّي قَالُوْا لِي إِنَّه عَلَيْك دَيْن بِسَبَب قَفَل الْمَحَل وَالْإِيْجَار شَغَّال عَلَيْك، فَقُمْت بِتَوْكِيل إِبْرَاهِيْم الْدَّبُّوس لِحَل الْقَضِيَّة وَقُمْت بِبَيْع الْمَخْبَز إِلَيْه بِمُعُدَاتِه بْبَّلاش دُوْن مُقَابِل فَقَط لَيَسْقُط الْدِين الَّذِي يَدْعُوَنَه، وَقَام الْدَّبُّوس بِبَيْع الْمُعِدَّات وَسِوَى الْقَضِيَّة وَأَخَذ الْمَحَل وَحَوْلَه إِلَى مَحَل تِجَارِي خَاص بِه وَبَاعَه بَعْد مُدَّة وَقَد خَرَجَت مِن الْمَخْبَز بِلَا أَي فَائِدَة .
وَزَارَة الْإِعْلَام
لَمَّا رَجَعَت إِلَى الْبِلاد كَان أَحْمَد بْن يُوَسُف بْن لوَتَاه سَبَقَنِي بِالْعَوْدَة بِسِنِيْن قَلِيْلَة، وَقَام بِفَتْح اسْتُودْيُو تَصْوِيْر فِي دِيْرَة وَكَان اسْمُه اسْتُودْيُو الْعَصْرِي، وَطَلَب مِنِّي مُشَارَكَتِه وَالْعَمَل مَعَه فِي الِاسْتُودْيُو فَعَمِلْت مَعَه . وَبَعْد قِيَام الْدَّوْلَة، وَتَحْدِيْدَا فِي الْعَام 1973 تَقَدَّمَت إِلَى وِزَارَة الْإِعْلَام لِلْعَمَل فِيْهَا كمُصُوّر وَكَان وَقْتِهَا وَكِيْل الْوِزَارَة الْأَخ رَاشِد عَبْدِاللّه الْنُعَيْمَي وَهُو أَحَد أَبْنَاء عَجْمَان، وَقَد تَعَيَّنَت كَأَوْل مَوَاطِن فِي قِسْم الْتَصَوَيْر الَّذِي يَضُم مُصَوَّرِين عُرُبَا أَكْثَرَهُم مِن الْفِلِسْطِيْنِيِّيْن .

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *