رُوَّاد وَذّكَريِاتالْأُسْتَاذ/ عُبَيْد بْن حُمَيْد بْن عَلِي الْمَزرُوعِي (حَفِظَه الْلَّه)
أُؤَمِّن بِالْحُرِّيَّة الْصِّحَافِيَّة الْمُلْتَزِمَة
فِي فَجْر الْسَّابِع مِن مَارِس عَام 1975م، ظَهَرَت «الْفَجْر» لِتَلْتَحِق بِرَكْب شُمُوْس الْإِعْلَام الإِمَارَاتِي، وَفِي يَوْم 11 سَبْتَمْبَر مِن عَام 1936م وَلَد مُؤَسِّسِها عُبَيْد بْن حُمَيْد بْن عَلِي الْمَزرُوعِي، وَرَغْم تُوَافِق هَذَا الْتَّارِيْخ -فِي الْعَصْر الْحَالِي- مَع أَحْدَاث نُيُويُورْك الْشَّهِيْرَة؛ إِلَا أَنَّه كَان يَخْتَلِف تَمَامَا مَع مَا خَلَّفَتْه تِلْك الْأَحْدَاث.
فَقَد ظَهَر مِن خِلَالِه شَخْصِيَّة إِعْلامِيَّة فَذَّة ذَات نَكْهَة مُخْتَلِفَة مَع النَّكَهَات الْصِّحَافِيَّة الْمَوْجُوَدَّة عَلَى الْسَّاحَة، فَعَبِيد الْمَزرُوعِي الَّذِي الْتَقَيْنَاه فِي ذِكْرَى مِيْلَادُه؛ هُو ذَاكِرَة إِنْسَانِيَّة وَإِعْلَامِيَّة إِمَارَاتِيّة تَعْبُق بِكُل مَا هُو جَمِيْل وَأَصِيْل، «الْبَيَان» الْتَقَت الْأُسْتَاذ عُبَيْد الْمَزرُوعِي لِيَرْوِي حِكَايَتِه عَن الْحَيَاة وَالْإِعْلَام:
وُلِدْت فِي 11 سَبْتَمْبَر مِن عَام 1936م فِي مَدِيْنَة عَجْمَان، وَهُو يَتَوَافَق مَع أَحْدَاث نُيُويُورْك، وَقَد اسْتَغْرَب الْبَعْض حَالِيّا هَذِه التَّوَافُق، وَلَم تَكُن هُنَاك مَدَارِس حَدِيْثَة فِي الْدَّوْلَة أَثْنَاء طُفُوْلَتِي، بَل كَانَت هُنَاك مَدَارِس تَحْفِيْظ قُرْآَن وَحَدِيْث «كَتَاتِيْب» بِإِشْرَاف «الْمُطَاوَعَة»، وَقَد سَاعَدَنِي حُفِظ الْقُرْآَن وَالْحَدِيْث عَلَى تَقْوِيَة الْلُّغَة وَالْبَلَاغَة، وَرَغْم بَعْض مُحَاوَلَات الْتَّدْرِيس الْحَدِيْث الَّتِي نَشَأَت فِي عَجْمَان آَنَذَاك؛ إِلَّا أَنَّهَا كَانَت مُتَقَطِّعَة تَبَعَا لِظُرُوف الْمِنْطَقَة،
وَكَان عَام 1929م بِالتَّحْدِيْد هُو الْعَام الَّذِي شَهِد بِدَايَّة تِلْك الْمُحَاوَلَات، وَلَكِنِّي أَثْنَاء تَوَجُّهِي لِلْتَعَلَّم، لَم أَجِد أَمَامِي إِلَا دَوْر «الْكَتَّاتِيب» عَلَى يَد «الْمُطَاوَعَة»، فَحَفِظْت بِسِن الْعَاشِرَة؛ ثُلُثَي الْقُرْآَن الْكَرِيْم وَسِتِّيْن حَدِيْثا نَبَوِيّا، وَحَفِظَت الْجُزْء الْأَكْبَر مِن أَلْفِيَّة ابْن مَالِك وَالأَجُرُّومِيّة وَالْعَقِيدَة الْوَاسِطِيَّة، وَقَد كَان ذَلِك سَابِقَا لِأَوَانِه بِالْنِّسْبَة لِسِنِّي، حَيْث إِنِّي كُنْت لَا أُدْرِك غَالِبِيَّة مَا أَحْفَظُه إِدْرَاكَا عَقْلِيَّا لِلْمَعَانِي، وَرَغِم ذَلِك فَقَد سَاعَدَتْنِي سَنَوَات «الْكَتَّاتِيب» بِالِاسْتِنَاد إِلَى قَاعِدَة لُغَوِيَّة وَعِلْمِيَّة لَاحِقَا حِيْن الْتَحَقْت بِالَّدِّرَاسَة الْنِّظَامِيَّة، وَمِن أَبْرَز «الْمُطَاوَعَة» الَّذِيْن دَرَسْت عَلَى أَيْدِيَهِم، كَان الْشَّيْخ عَبْد الْكَرِيْم الْبَكْرِي الَّذِي يُعْتَبَر مِن أَجَل عُلَمَاء نَجْد الْمُهَاجِرِيْن إِلَى إِمَارَة الْشَّارِقَة، حَيْث أَقَام بَعْد ذَلِك فِي بَيْتِنَا -لَدَى وَالِدَي حَمِيْد بْن عَلِي الْمَزرُوعِي-، وَتَم تَّأْسِيْس أَوَّل مَدْرَسَة فِي عَجْمَان عَلَى يَد الْتَّاجِر الْفَاضِل الْمَرْحُوْم مُحَمَّد بْن سَالِم بْن خَمِيْس السُّوَيْدِي، حَيْث خُصِّص لَهَا وَقْفَا يَكُوْن رَيْعِه لِهَذِه الْمَدْرَسَة، كَمَا أَنَّهَا كَانَت دَارا لِلْقَضَاء وَحَل النِّزَاعَات وَالْأَحْكَام، وَانْتَسَب الْعَدِيد مِن الْمُعَلِّمِيْن وَالْمَشَايِخ لِلْتَّدْرِيس فِيْهَا، أَذْكُر مِنْهُم نَاصِر بِن مُحَمَّد الْنُعَيْمَي وَإِبْرَاهِيْم بْن نَصَّار وَعَبْد الْعَزِيْز الْنْصَار، وَكَانَت هُنَاك مَدْرَسَة أُخْرَى هِي مَدْرَسَة «بْن لوَتَاه» الَّتِي أَسَّسَهَا حُسَيْن بْن لوَتَاه، فِي «فَرِيْج بْن لوَتَاه» بُعُجُمَان وَقَد كَانَت الْمَدْرَسَة مُلْحَقَة بِمَسْجِد مَا زَال مَوْجُوْدَا إِلَى الْيَوْم.
وَأَضَاف الْمَزرُوعِي: بَعْد إِكَمَالِي لِعِدَّة مَرَاحِل دِرَاسِيَّة فِي مَدَارِس عَجْمَان، انْتَقَلَت إِلَى رَأْس الْخَيْمَة لِلْدَّرْس عَلَى يَد الْشَّيْخ الْفَاضِل حَمِيْد بْن أَحْمَد بْن فَلَاو – وَهُو زَوْج خَالَتِي- وَكَان لَدَيْه سَعَة ذِهْنِيَّة عَالِيَة، وَقَد تَلْقَى تَعْلِيْمِه فِي قَطْر مُنْذ عَام 1929م وَحَتَّى عَوْدَتِه مَع مَجْمُوْعَة مِن الْمَشَايِخ وَالْمُعَلِّمِيْن عَام 1935م -قَبْل وِلَادَتِي بِعَام-
وَفِي بِدَايَة الْحَرْب الْعَالَمِيَّة الْثَانِيَة عَام 1939م تَوَزَّعُوْا لِلْتَّدْرِيس فِي الْإِمَارَات الْمُتُصَّالِحّة -آَنَذَاك- فَكَان «بْن فَلَاو» فِي رَأْس الْخَيْمَة، وَالْشَّيْخ عَبْد الْلَّه بْن الْشَّيْبَة وَمُحَمَّد بْن غَبَّاش فِي عَجْمَان، وَأَدُّوا رِسَالَتِهُم الْتَّعْلِيْمِيَّة بِكَفَاءَة عَالِيَة، وَلَم يَكُن أَمْر الْتَّعْلِيْم سَهْلَا آَنَذَاك، وَقَد اسْتَمَرَّت دِرَاسَتِي فِي رَأْس الْخَيْمَة لِعَام وَاحِد مَع الْشَّيْخ «بْن فَلَاو» حَيْث كُنْت أُرَافِقُه لَيْلَا إِلَى الْمَسْجِد حَيْث كُنْت أَقْرَأ الْحَدِيْث الْشَّرِيِف وَهُو يُقَوِّم بِتَفْسِيْرِه -لِضَعْف بَصَرِه-
بَعْدَهَا عَدَت إِلَى عَجْمَان بِعُمَر 14 سُنَّة، لَأُسَافِر بَعْد ذَلِك مَع وَالِدِي إِلَى الْسُّعُوْدِيَّة الَّذِي قَصَدَهَا لِلْعَمَل نِهَايَة عَام 1949م، وَقَد أَرَاد أَن يُلْحِقْنِي هُنَاك بِمَدْرَسَة، وَبِمَا أَن الْعُلُوم الَّتِي تَدْرُس فِي مَدَارِس الْسُّعُوْدِيَّة تَشَابَه مَا تَلَقَّيْتُه فِي وَطَنِي، لَم أَشَأ تَضْيِيْع وَقْتِي، فَبَحَثَت عَن أَعْمَال تُنَاسْب سِنِّي، فَعَمِلْت مَع الْمَرْحُوْم الْأَمِير عَبْد الْمُحْسِن «أَمِيْر الْمِنْطَقَة الْشَرْقِيَّة»، وَارْتَحْت بِعَمَلِي هُنَاك كَثِيْرَا.
وَيَنْتَقِل عُبَيْد الْمَزرُوعِي لَيَعْمَل فِي مَجَال الْبِتْرُوْل مَع شَرِكَة «أَرَامْكُو»، حَيْث يُوَضِّح تِلْك الْفَتْرَة قَائِلا: انْتَقَلَت لِلْعَمَل مَع الْمَقَاوُل أَحْمَد الْجَابِر الْدُوَسَرِي فِي شَرِكَة «أَرَامْكُو- الْزَّيْت الْعَرَبِيَّة الْأَمِيرِكِيَّة» فِي الْظَّهْرَان، حَيْث كَان الْوَضْع مُخْتَلِفَا عَن «الْمِنْطَقَة الْشَّرْقِيَّة» لِوُجُوْد مَدَارِس حَدِيْثَة وَأَنْدِيَة ثَقَافِيَّة وَجَالِيَات أَجْنَبِيَّة مُتَعَلِّمَة مُتَعَدِّدَة، فَكَانَت نَقَلَة نَوْعِيَّة لِي لِتَعْلَمِي وَإِتِقَانِي لِلُّغَة الْإِنْجِلِيْزِيَّة -خِلَال عَامَيْن- وَاطِّلاعِي عَلَى ثَقَافَة جَدِيْدَة، وَاسْتَمَر عَمَلِي هُنَاك بِحُدُود 8 سَنَوَات، وَكَانَت جَمِيْع الْمَطْبُوْعَات الَّتِي قَرَأْتُهَا آَنَذَاك بِالْلُغَة الْإِنْجِلِيْزِيَّة، مِن كُتُب ودوّريّات وَجَرَائِد أُمِيْرِكِيَّة وبِرِيْطَانِيّة، وَلِعَدَم وُجُوْد مَا يَشْغَلُنِي هُنَاك -مِثْل هَذَا الْعَصْر- فَقَد عَكِفَت عَلَى الْقِرَاءَة وَالْمُطَالَعَة، وَكَانَت تِلْك الْفَتْرَة بِالْنِّسْبَة لِي فِتْرَة تَبَصُّر سِيَاسِي، حَيْث حُدِّثْت الْكَثِيْر مِن التَّغَيُّرَات فِي الْعَالَم، بُدِءَا مِن ثَوْرَة يُوَلْيُو الْمِصْرِيَّة 1952م، فَظَهَرَت مُصْطَلَحَات لَم نَأْلَفُهَا مِن قَبْل كَالقَومِيّة الْعَرَبِيَّة وَالْوِحْدَة وَغَيْر ذَلِك، وَبِسَبَب الْعَدِيْد مِن الْمَسَائِل الْشَّائِكَة وَالْنِّزَاعَات الْعَرَبِيَّة- الْعَرَبِيَّة الْمُسْتَمِرَّة تَم إِحْبَاط تَوَجُّهَات عَبْد الْنَاصِر، وَبَعْد اطِّلَاعِي عَلَى تَجْرِبَة الاتِّحَاد الْسَوْفِيَيْتِي الْمَارْكَسِيَّة وَمَوَاقِفُهَا الْمُسَانِدَة لِلْقَضَايَا الْعَرَبِيَّة حَسْبَمَا هُو ظَاهِر؛ اتَّجَهَت لِتَبَنِّي الْفِكْر المَارْكْسي بَعْد قِرَاءَتِي لأَدَبِيَات هَذَا الْفِكْر وَمَعْرِفَة رُمُوْزِه مِثْل: مَاو تُسَي تُوْنَج، هُوَشِي مِنَّه، جِيْفَارَا وَغَيْرِهِم،
وَمَع ذَلِك فَلَم يَكُن لَدَي اقْتِنَاع فِي الْطَرْح بِصُوْرَتِه الْكَامِلَة، مِن حَيْث الْفِكْرَة فِي تَحْقِيْق الْعَدَالَة وَالْمُسَاوَاة الاجْتِمَاعِيَّة؛ أَجَل، أَمَّا مَن حَيْث مُلَاءَمَة الْفِكْرَة لِلْكَوْن، فَلَم أَكُن مُقْتَنِعَا بِذَلِك إِلَّا بِمُرَاعَاة خُصُوْصِيَّة ثَقَافَة الْأَرْض الَّتِي يُطَبِّق فِيْهَا، تَحَدِيَدْا الْمِنْطَقَة الْعَرَبِيَّة وَالْإِسْلَامِيَّة الَّتِي يَنْبَغِي الْحِفَاظ عَلَى دِيْنِهَا وَلُغَتِهَا وَمُعَانَاة الْإِنْسَان الْعَرَبِي فِي أَرْضِه، وَيَجِب أَلَا يُتِم الْتَّخَلِّي عَن الْأَسَاسِيَات وَالوِجْدَانِّيَات الْخَاصَّة بِالْمِنْطَقَة.
قَبْل أَن يَبْدَأ الْمَزرُوعِي بِالْتّفْكِيِر بِتَأْسِيس صَحِيْفَة مُسْتَقِلَّة؛ كَانَت هُنَاك عِدَّة إِرّهَاصَات سَبَقَت ذَلِك، حَيْث أَسْهَم بِتَأْسِيس نَادِي الْدَّوْحَة الْثَّقَافِي فِي قَطْر عَام 1959م، وَنَاد آَخَر فِي «أَم سَعِيْد» وَقَام بِأَنْشِطَة مُتَعَدِّدَة كَالمَسْرَحِيَات وَالأَمْاسِي الْشِّعْرِيَّة وَجَرَائِد الْحَائِط، عَن ذَلِك يَقُوْل: كَانَت الْكِتَابَة جُزْءا لَا يَنْفَك عَن عَقْلِي وَوِجْدَانِي، وَلَكِن لَم تَتَوَفَّر آَنَذَاك الْإِمْكَانِيَّة لِتَّأْسِيْس صَحِيْفَة، وَقَد كَانَت دِرَاسَتِي بِالْكَامِل فِي الْقَضَايَا الْبِتْرُوْلِيَة لَا الْإِعْلامِيَّة،
وَبَعْدَهَا انْتَقَلَت لِلْعَمَل فِي جَزِيْرَة «دَاس»، حَيْث تَعَلَّمْت أَكْثَر عَن قَضَايَا النَّفْط وَثَقِفْت نَفْسِي بِصُوْرَة أَكْبَر، وَاسْتَمَر عَمَلِي فِي مَجَال الْبِتْرُوْل مِن عَام 1949م -سَفَرِي لِلْسُّعُوْدِيَّة- وَلِغَايَة عَام 1964م، ثُم أَقْنَعَنِي سَالِم مَحْمُوْد -مُدِيْر الْبَرِيد آَنَذَاك- أَن أتُوظّف فِي أَحَد الْبُنُوك، وَكَان الْتَحَق هُو قَبْلِي بِبَنْك «سْتَانْدَرد تْشَارِتُرد» -الَّذِي كَان يُسَمَّى آَنَذَاك الْبَنْك الْشَّرْقِي- فَعَمِلْت فِي هَذَا الْبَنْك،
لَأَدْخُل مِن يَوْمِهَا فِي مَجَال الْبُنُوْك لِمُدَّة 18 عَامّا -قَبْل ثَمَانِي سَنَوَات مِن الْآَن- وَوَصَلَت فِي عَمَلِي إِلَى مَنَاصِب إِدَارِيَّة كَبِيْرَة، كَمَا الْتَحَقَت بِبَنْك دُبَي الْوَطَنِي فِي أَوَّل تَأْسِيْسُه بَعْد أَن اتَّصَلَت بِالْفَاضِل عَبْد الْلَّه مُحَمَّد صَالِح الَّذِي يُشَغِّل الْآَن مَنْصِب رَئِيْس مَجْلِس الْإِدَارَة لِلْبَنَك، حَيْث عَمِلْت مَعَه فِي دُبَي، وَقَد ارْتَحَت كَثِيْرَا بِالْعَمَل فِي إِدَارَة هَذَا الْشَخّص الَّذِي أَعْتَبِرُه بِمَثَابَة الْشَّقِيق لِي.
لِعُبَيْد الْمَزرُوعِي ذَاكِرَة صَقَلَتْهَا تَجْرِبَتِه الْحَيَاتِيّة وَالْسِّيَاسِيَّة عَن مَرْحَلَة مَا قَبْل قِيَام دَوْلَة الْإِمَارِات الْعَرَبِيَّة الْمُتَّحِدَة، حَيْث يُعَبِّر عَن ذَلِك بِقَوْلِه: كَانَت الْمِنْطَقَة تَمُر آَنَذَاك -بَيْن عَامَي 1968 و1969- بِإِرّهَاصَات «الاتِّحَاد»، فَتُشَكِّل «الاتِّحَاد الِتُسَّاعِي» وَلَكِن الضُغَوطَات الْخَارِجِيَّة الَّتِي مَارَسْتُهَا بَعْض دُوَل الْجَوَار حَالَت دُوْن نَجَاح هَذَا الاتِّحَاد،
وَكَان قَائِد هَذَا الاتِّحَاد وَالْسَّاعِي إِلَيْه بِحَمَاسَة؛ الْمَغْفُوْر لَه الْشَّيْخ زَايِد بْن سُلْطَان آَل نَهْيَان صَاحِب الْإِدَارَة الْقَوِيَّة وَالْعَزِيْمَة الْرَّاسِخَة الَّتِي تُنَّبَع مَن مَنْهَج عَرَبِي أُصَيْل، وَلَوْلَا الْضُّغُوْط الَّتِي مُوْرِسَت عَلَى قَطْر وَالْبَحْرَيْن لَرَأَيْت قِيَام اتِّحَاد لَا نَظِيْر لَه، وَمَهْمَا يَكُن مِن أَمْر فَإِن الْمَسِيرَة الِاتِّحَادِيَّة الْمُبَارَكَة الَّتِي قَادَهَا الْشَّيْخ زَايِد «رَحِمَه الْلَّه» أَعْطَت نَمُوْذَجَا لَا يُقَارَن فِي الْدَّوْلَة الْعَرَبِيَّة الِاتِّحَادِيَّة الْمُتَمَثِّلَة بِالْإِمَارَات، وَيُمْكِن لِأَي شَخْص رُؤْيَة هَذِه الْمُعْجِزَة الْكَبِيْرَة،
وَقَد رَافَق -أَو سَبَق قِيَام الاتِّحَاد بِقَلِيْل- ظُهُوْر بَعْض الْوَسْائِل الْإِعْلامِيَّة الْمَحَلِّيَّة الْجَيِّدَة بِالْنِّسْبَة لِتِلْك الْفَتْرَة، مِثْل مَجَلَّة «أَخَبَار دُبَي»، كَمَا شَجِّع مَعَالِي رَاشِد عَبْد الْلَّه وَزِيَر الْخَارِجِيَّة عَلَى ظُهُوْر جَرِيْدَة «الاتِّحَاد» عَام 1969م وَكَذَلِك الْمَرْحُوم عَبْد الْلَّه الْطَّائِي -الَّذِي كَان يُذِيْع بَرْنَامِجَا مِن إِذَاعَة الْكُوَيْت عَن أَخْبَار الْإِمَارِات الْمُتُصَّالِحّة- وَلَعِب دَوْرَا جَيِّدَا فِي انْطِلَاق وَسَائِل الْإِعْلَام الْمَحَلِيَّة،
ثُم انْطَلَقْت بَعْد «الاتِّحَاد» جَرِيْدَة «الْوَحْدَة» الَّتِي أَسَّسَهَا رَاشِد بْن عُوَيْضَة، وَكُنْت أُتَابِع هَذِه الْجَرَائِد بِشَكْل يَوْمِي وَمُسْتَمِر، وَكُنْت أَتُوْق لإِصِدَار جَرِيْدَة خَاصَّة، وَكَان لَدَي مَكْتَب لِلإِعْلانَات أَسَّسْتَه بِدَايَّة الْسَّبْعِيْنَات، وَكَلَّمْت مَعَالِي رَاشِد عَبْد الْلَّه بِصَدَد إِنْشَائِي لْجَرَيْدّة خَاصَّة فَشَجَّعَنِي عَلَى ذَلِك، فَكَتَبْت أَوَاسِط الْسَّبْعِيْنَات لِوَزَارَة الْإِعْلَام وَحَصَّلْت عَلَى الْمُوَافَقَة.
هُنَاك الْكَثِيْر مِن الْمَوَاقِف الَّتِي جَمَعَت عُبَيْد الْمَزرُوعِي بِالْمَغَفُوّر لَه بِإِذْن الْلَه الْشَّيْخ زَايِد بْن سُلْطَان آَل نَهْيَان، وَيُقَدِّم لِتِلْك الْمَوَاقِف بِقَوْلِه: أُعْتُبِر أَنَّه حَالَة انْفْرَادّيّة فِي الْوَطَن الْعَرَبِي، وَلَيْس مِن الْمَأْمُوْل ظُهُوْر مِثْل هَذِه الْشَّخْصِيَّة فِي الْوَقْت الْحَاضِر، وَقَد أَلْقَيْت مُحَاضَرَة فِي الْوِلَايَات الْمُتَّحِدَة الْأَمِيرِكِيَّة قَبْل خَمْس عَشْرَة سَنَة عَن شَخْصِيَّة وُفَكّر الْشَّيْخ زَايِد «رَحِمَه الْلَّه» وَأَلْقَيْت بَعْض قَصَائِدِه الَّتِي تَرْجَمَتِهَا تَرْجَمَة فَوْرِيَّة عَلَى الْحُضُوْر،
وَلَاقَت الْمُحَاضَرَة الَّتِي بُيِّنَت بَعْضَا مِن جَوَانِب الْعَطَاء الْإِنْسَانِي لِذَلِك الْقَائِد الْعَرَبِي الْأَصِيْل اسْتِحْسَانا وَإِعْجَابَا مُنْقَطِع الْنَّظِيْر، كَمَا نُظِّمَت فِي مَدْحِه «رَحِمَه الْلَّه» أَكْثَر مِن عَشْر قَصَائِد بِاللَهْجَّة الْمَحَلِّيَّة، وَأَعْتَبِر مَدِيْحِي لَه فَخْرَا لِي، وَكَانَت «كَارْيَزْمَا» زَايِد وَحَكَّمَتْه وِإِنْسَانِيَتِه تَتَمَثَّل أَمَامِي جُنُبَا إِلَى جَنْب حِيْن أُنَظِّم قَصَائِدِي حَبّا بِه، فَقَد كَان رَجُل حَكَم وَحِكْمَة، وَهَذَان الْضِّدَّان مِن الْصِّفَات نَادِرَا مَا يَجْتَمِعَان بِشَخْص وَاحِد.
أَمَّا الْمَوْقِف الَّذِي لَن يَنْسَاه الْمَزرُوعِي عَن شَخْصِيَّة فَقِيْد الْإِنْسَانِيَّة الْشَّيْخ زَايِد «رَحِمَه الْلَّه» فَيُذَكِّرُه بِقَوْلِه: لَن أَنْسَى مَا حَيِيْت مَوْقِفَا حَضَرَتْه مَع الْشَّيْخ زَايَد «رَحِمَه الْلَّه»، حَيْث رَافَقْنَاه فِي زِيَارَة إِلَى كِيَنْيَا، وَقَد كُتِبَت إِحْدَى الْصُحُف صَبَاح وُصُوْلِنَا هُنَاك، «إِن الْعُرْب وَالْدُّوَل الْعَرَبِيَّة يُتَاجِرُوْن بِالْعَبِيْد…»، فَبَلَغَه الْأَمْر «رَحِمَه الْلَّه» قَبْل سَاعَتَيْن مِن تَجْهِيْزِه لِخِطَاب كَان سَيُلْقِيه أَثْنَاء حَفَل الْعِشَاء الْرَّسْمِي الَّذِي يُقِيْمُه الْرَّئِيْس الَكِيْنِي عَلَى شَرَفِه،
فَعَدِّل «رَحِمَه الْلَّه» كَلِمَات الْخَطَّاب بِسُرْعَة بَدِيْهَة وَذَكَاء سَرِيْع، حَيْث قَال بِمَا مَعْنَاه: «إِن دِيْنِنَا الْإِسْلَامِي الْحَنِيْف يَحْرُم الاتِّجَار بِالْإِنْسَان، وَنَحْن أُمَّة ذَات حَضَارَة إِنْسَانِيَّة عَرِيْقَة ذَات تُوَجَّه إِنْسَانِي، وَعَلاقْتِنا الْعَرَبِيَّة بِالْسَّاحِل الْأَفْرِيقِي مُتَمَيِّزَة وَأَصِيْلَة وَيُشْهِد لَهَا الْتَّارِيْخ، وَسَتَبْقَى دَائِمَا هَكَذَا» وَقَد كَسَر هَذَا الْخِطَاب وَهَذِه الْكَلِمَات؛ تِلْك الْخُزَعْبِلَات الَّتِي أَلْقَاهَا بَعْض الْإِعْلَام الْمُغْرِض الَّذِي قِيَل صَبِيّحَة يَوْم الْوُصُول،
وَإِذَا بِوَسَائِل الْإِعْلَام فِي الْيَوْم الْتَّالِي تَتَفَاعَل مَع الْخُطَّاب الْمُؤَثِّر الَّذِي أَلْقَاه «رَحِمَه الْلَّه» وَتُرَحِّب بِه بِاعْتِبَارِه قَائِدَا عَرَبِيّا يَحْمِل وِجْدَانَا إِنْسَانِيَّا رَاقِيا، وَهَذَا وَاحِد مِن عَشَرَات الْمَوَاقِف الْنَّبِيّلَة وَالْمَشْرَقَة الَّتِي كَسَب بِهَا زَايِد «رَحِمَه الْلَّه» قُلُوْب الْنَّاس فِي شَتَّى أَرْجَاء الْأَرْض، وَأَعْتَبِر أَن الْبَشَرِيَّة لَم تُنْجِب فِي الْقَرْن الْعِشْرِيْن؛ شَخْصِيَّة مِثْل شَخْصِيَّتِه، جَمْع الْأَضْدَاد كُلَّهَا، رَحْمَة مَع حَزْم، وَحَكَم مَع حِكْمَة، وَشَجَاعَة مَع رَأْفَة، وَعَطَف مَع صَلَابَة فِي الْحَق، فَكَان «رَحِمَه الْلَّه» كِيَانَا إِنْسَانِيَّا أَخْلَاقِيَّا يَسِيْر عَلَى وَجْه الْأَرْض كَسَحَابَة بَيْضَاء.
كَان الْعَدَد الْأَوَّل لْجَرَيْدّة «الْفَجْر» بِتَارِيْخ 7 مَارَس 1975م، بِحَجْم عَادِي وَبِعَدَد صَفَحَات بَلَغ الثَّمَانِيَّة، وَكَانَت تُصَدِّر بِشَكْل مُتَقَطِّع كُل 15 يَوْمَا، وَيُخْبِرُنَا الْمَزرُوعِي عَن تَفَاصِيْل تِلْك الْأَيَّام قَائِلا: جَرَّبْنَا الْطِبَاعَة فِي مَطَابِع مُتَعَدِّدَة دَاخِل الْدَّوْلَة وَخَارِجَهَا، وَتَم طَبَع الْأَعْدَاد الْأُوْلَى فِي مَطَابِع جَرِيْدَة «الْسِيَاسَة» الْكُوَيْتِيَّة، ثُم أَسَّسْنَا مِطْبَعَة صَغِيْرَة، وَكَان عَدَد نُسِخ الْعَدَد الْأَوَّل أَلْف نُسْخَة، ثُم اسْتَقَرَّت بِشَكْل إِصْدَار أُسْبُوْعِي،
وَقَد انْتَسَب لِلْجَرِيْدَة بَعْد ذَلِك الْكَاتِب الْمِصْرِي الْبَارِز مَحْمُوْد الْسَّعْدَنِي الَّذِي تُبْنَى انْطِلَاقَة «الْفَجْر» وَانْتِشَارُهَا جَمَاهِيْرِيَّا، بِشَكْل جَرِيْء لَم تَعِدْه الْصُّحُف الْأُخْرَى، وَهُو الَّذِي شَجِّعُنَا لِلْطِّبَاعَة فِي الْكُوَيْت بِحُكْم خَبَرْتُه الْإِعْلامِيَّة الْكَبِيْرَة، كَمَا كَان مَعَنَا فَي الْإِصْدَار الْأَوَّل الْكَاتِب الْمَعْرُوْف وَجِيْه أَبُو ذِكْرِي الَّذِي يُعْتَبَر مِن مُؤَسِّسِي «الْفَجْر» أَيْضا وَأَوَّل مُدِيْر تَحْرِيْر لِلْجَرِيْدَة، إِضَافَة إِلَى أُسَامَة عَجَّاج، وَكَان بِرِفْقَتِي الْإِعْلامِي الْكُوَيْتِي مُحَمَّد زَيْن،
حِيْن قَرَّرْنَا إِصْدَار الْعَدَد الْأَوَّل، وَكَان أَغْلَب الْكَادِر الْصَّحَافِي مِن الْإِعْلَامِيِّيْن الْمِصْرِيِّيْن، ثُم شَغَل الْمَرْحُوْم إِبْرَاهِيْم نَافِع إِدَارَة الْتَّحْرِيْر لِفَتْرَة طَوِيْلَة، وَمَن بَعْدَه شَغَل الْمَنْصِب عَدْلِي بِرَسُوْم، وَقَد كَانَت مُكَاتَب الْجَرِيْدَة الْأُوْلَى فِي بِنَايَة تَابِعَة لِلْمَرْحُوْم عَبْد الْقَادِر الْمُلا فِي أبوظَبي،
ثُم انْتَقَلَت الْمُكَاتَب إِلَى بِنَايَة صَغِيْرَة بِشَارِع الْمَطَار كَمِنِحّة مَدْفُوْعَة الْإِيْجَار مِن الْحُكُومَة، وَلَكِن تَم نَقَلْنَا مِنْهَا لِأَنَّهَا كَانَت مَمْلَكَة لِأَفْرَاد، فَتَم مَنَحَنَا هَذِه الْأَرْض الَّتِي بَنِيْنَا عَلَيْهَا مَطَّابَعْنا وَمَكَاتِب الْجَرِيْدَة بِشَارِع الْمُرُوْر مُنْذ حَوَالَي 16 عَامّا، وَكَانَت الْجَرِيْدَة تُظْهِر بِأَوْقَات مُخْتَلِفَة مِن الْصَّبَاح وَحَتَّى الْمَسَاء قَبْل أَن تَسْتَقِر بَعْد ذَلِك فِي مَطَابَعَهَا الْخَاصَّة.
فِي عَام 1978م حُدِّثْت طَفْرَة لْجَرَيْدّة «الْفَجْر»، حَيْث تَم تَبْوِيْبِهَا وَإِخْرَاجُهَا بِصُوْرَة جَدِيْدَة، وَاسْتَقْبَل الْقُرَّاء فِي الْدَّوْلَة جَرِيْدَة «الْفَجْر» بِصُوْرَة لَافِتَة، وَكَانَت نَسَخَهَا تَنْفَد بَعْد نُزُوْلِهَا إِلَى الْأَسْوَاق بِفَتْرَة وَجِيْزَة، وَكَان عَدَد النُّسَخ يَصِل آَنَذَاك مَا بَيْن 3-5 آَلَاف نُسْخَة، كَمَا أَنَّهَا حَظِيَت بِاهْتِمَام وَمُتَابَعَة الْمَغْفُوْر لَهُمَا بِإِذْن الْلَه الْشَّيْخ زَايِد بْن سُلْطَان آَل نَهْيَان وَالْشَّيْخ رَاشِد بْن سَعِيْد آَل مَكْتُوْم،
حَيْث كَانَا يُتَابِعَان قِرَاءَتِهَا بِشَكْل مُسْتَمِر، أَمَّا الَّحْصُوْل عَلَى الْأَخْبَار -يَقُوْل الْمَزرُوعِي- فَقَد كَان يُتِم عَن طَرِيْق بَعْض الْوَكَالَات الْمَسْمُوْعَة مَحَلِّيّا وَعَن طَرَيِق الْاتِّصَال الَتَلُفُوْنِي الْمُبَاشِر، وَقَد قُمْت بِعِدَّة جَوْلَات فِي بُلْدَان الْعَالَم لِلْتَعَرُّف عَلَى أَحْدَث أَجْهِزَة وَمَطَّابِع وَتِقْنِيَات الْإِعْلَام الْعَالَمِي، فَزُرْت جَرِيْدَة «إِيُسَاهُو شَمْبُو» الْيَابَانِيَّة، الَّتِي حِيْن رَأَيْتُهَا وَرَأَيْت مَطَابَعَهَا الْهَائِلَة، أَصَبْت بِالانْبِهَار،
وَزُرْت أَيْضا صَحِيْفَة «Finantial Times» الْبِرِيطَانِيَّة، كَمَا زُرْت جَرِيْدَة «Time of India» -الَّتِي أَسَّسَهَا تَاتِا- فِي مَدِيْنَة بُوْمْبَاي الْهِنْدِيَّة وَرَأَيْت مَاكِيْنَة إِعْلامِيَّة ضَخْمَة تَمَنَّيْت يَوْمَا أَن أَرْتَقِي بِوَسَائِلْنا الْإِعْلامِيَّة الْمَحَلِّيَّة إِلَى مُسْتَوَاهَا، وَقَد اقْتَنَعْت مُنْذ ذَلِك الْوَقْت بِأَن الْصُّحُف هِي لَيْسَت إِصْدَارَا وَرَقِيّا بِقَدْر مَا هِي «صِنَاعَة» مُتَخَصِّصَة.
تُعْتَبَر جَرِيْدَة «الْفَجْر» أَوَّل مَطْبُوْعَة مَحَلِّيَّة تَقَدَّم لِلْقَارِئ خِدْمَة اقْتِصَادِيَّة مُتَمَيِّزَة، تَمَثَّلَت بِصَفْحَة اقْتِصَادِيَّة تَقَدَّم الْتَّقَارِيْر وَالْأَخْبَار بِالْاشْتِرَاك مَع خِدْمَة «Finantial Times» الْبِرِيطَانِيَّة الْمُتَخَصِّصَة، كَمَا أَن «الْفَجْر» كَانَت أَوَّل مَطْبُوْعَة مَحَلِّيَّة تَقُوْم بِنَقْل الْصَّفَحَات الْكَامِلَة عَن طَرِيْق أَحَد الْأَجْهِزَة الْحَدِيثَة -فِي تِلْك الْفَتْرَة- مِن مَصَادِرِهَا فِي الدُّوَل الْأَجْنَبِيَّة، وَقَد اعْتَمَدْت الْجَرِيْدَة أَيْضا عَلَى أَحْدَث طَرِيْقَة تِّكْنُولُوجِيّة بِنَقْل الْأَخْبَار مِن مَصَادِرِهَا،
كَمَا أَن «الْفَجْر» هِي أَوَّل جَرِيْدَة مَحَلِّيَّة تَصْدُر مُلْحَقَا ثَقَافِيَّا وَاسِع الِانْتِشَار كَان يَقْرَأ مِن الْمُغْرِب إِلَى الْمَشْرِق، وَلَاقَى نَجَاحَا مُنْقَطِع الْنَّظِيْر، وَكَانَت تَشَرَّف عَلَيْه الْأَدِيبَة التَّوْنُسِيَّة الدُّكْتُوْرَة خِيَرَة الْشَّيْبَانِي وَكَانَت اسْمَا عَلَى مُسَمَّى -يُضَيِّف الْمَزرُوعِي- فَكَانَت خَيْر إِعْلامِيَّة وَخَيْر مُثَقَّفَة وَخَيْر امْرَأَة عَمِلَت فِي الْفَجْر، وَكَان الْمُلْحَق مَنُوْعَا وَيُقَدِّم ثَقَافَة جَادَّة مِن مُخْتَلِف الْأَقْلام الْعَرَبِيَّة فِي الْعَالَم،
وَهُو بِاعْتِرَاف الْمُتَابِعِيْن لِلْشَّأْن الْإِعْلامِي الْمَحَلِّي؛ مِن أَنْجَح الْمَلَاحِق الْثَّقَافِيّة الَّتِي صَدَرَت فِي الْدَّوْلَة لِغَايَة الْآَن، وَقَد الْتَحَقَت بَعْض الْأَقْلام الْمَحَلِّيَّة بِهَذَا الْمُلْحَق مِثْل الْأَدِيب الْمَرْحُوْم أَحْمَد أَمِيْن الْمَدَنِي وَالْشَّاعِر وَالإِعْلامِي حَبِيْب الْصَّايِغ، وَعَشَرَات مِن الْأَقْلام الإِمَارَاتِيّة الَّتِي تَبَوَّأْت الْآَن مَنَاصِب مُهِمَّة فِي الْمُؤَسَّسَات الْإِعْلامِيَّة وَالْثَّقَافِّيَّة،
كَمَا يَحْسِب لْجَرَيْدّة «الْفَجْر» بِأَنَّهَا أَوَّل صَحِيْفَة مَحَلِّيَّة تَصْدُر مُلْحَقَا لِلْشِّعْر الْشَّعْبِي وَاسْتَمَر لِخَمْس سَنَوَات، وَتَم الْتَوَقَّف عَن إِصْدَارِه لِأَسْبَاب مَادّيّة بَحْتَة، وَقَد اشْتُق هَذَا الْمُلْحَق الْشِّعْرِي الْشَّعْبِي اسْمُه مِن اسْم الْجَرِيْدَة، حَيْث كَان بِاسْم «فَجَر الْشُّعَرَاء»، وَكَان هَذَا الْمُلْحَق بِمَثَابَة الْمُنْتَدَى الْشِّعْرِي الْنَّبَطِي الْأَوَّل فِي الْإِمَارَات.
إِن جَرِيْدَة «الْفَجْر» وَبِحَسَب شَهَادَات الْعَدِيْد مِن الْإِعْلَامِيِّيْن فِي الْدَّوْلَة، هِي جَامِعَة الْإِعْلَامِيِّيْن وَالصِّحَافِيَّيْن، عَن ذَلِك يَقُوْل الْمَزرُوعِي: أَنَا أُسَمِّي «الْفَجْر» بِاعْتِبَارِهَا الْطَّرِيْق إِلَى الْصَّحَافَة الإِمَارَاتِيّة الْأُخْرَى، وَهِي مُنْتَدَى لِجَمِيْع الْأَقْلام الْصِّحَافِيَّة، وَقَد كَانَت وَمَا زَالَت الْدَّرْب الَّذِي أَوْصَل الْعَدِيْد مِن الْأَسْمَاء إِلَى الْصُّحُف الْأُخْرَى كَالِاتِّحَاد وَالْبَيَان وَالْخَلِيج، وَمَن كَثْرَة الْأَسْمَاء الَّتِي مَرَّت فِي «الْفَجْر»
فَلَقَد نَسَيْت مُعْظَمُهَا، طَارِق الْفَطَّاطِري الَّذِي وَصَل إِلَى مُنْصَب مُدِيْر تَحْرِيْر تَنْفِيْذِي بِجَرِيْدَة «الاتِّحَاد» وَمَحْمُوْد الْسَّعْدَنِي وَوَجِيْه أَبُو ذِكْرِي وَمُحَمَّد الْعَكْش وَغَيْرِهَا مِن الْأَسْمَاء، وَأَنَا أُعْتُبِر «الْفَجْر» لِغَايَة الْيَوْم مَحَطَّة وَدَار ضِيَافَة صَحَافيّة لِجَمِيْع الْإِعْلَامِيِّيْن الْعَرَب، وَلَن أَنْسَى خَدَمَات هَؤُلَاء الْأُخُوَّة الَّذِيْن أُعْتُبِر زِمَالْتِهُم مَفْخَرَة لِي و«لِلْفَجْر»، وَقَد ظَهَرَت كِتَابَات هَؤُلَاء الْزُّمَلاء وَغَيْرِهِم مِن كِتَاب «الْفَجْر» فِي مَرْحَلَة حُرَّاك ثَقَافِي وَفَكْرِي مُتَنَوِّع وَشَامِل،
فَلَم تَكُن الْآَرَاء مُتَشَنِّجَة، أَو الْرُدُوْد بَالِغَة الْحِدَّة، لِأَن «الْفَجْر» عَرَفْت بحِيادِيَّتِهَا الْإِيجَابِيَّة، وَرَوْحَهَا الْنَّقْدِيَّة الْبَنَّاءَة، وَلَم تَكُن مَسَاحَات الْنَّشْر مُقْتَصِرَة عَلَى اتِّجَاه دُوْن آَخَر، فَتَجِد الْفِكْر الْيَسَارِي وَالْقَوْمِي وَالْإِسْلَامِي وَالَلِّيَبْرَالِي جُنُبَا إِلَى جَنْب فِي صَفَحَات «الْفَجْر» لِيُشَكِّلَوْا فُسَيْفِسَاء فِكْرِي وَثَقَافِي يُغْنِي مَعْرِفَة وَعَقَل الْقَارِئ، بِصُوْرَة نَادِرَة لَا تَجِدُهَا فِي وَسَائِل إِعْلَام أُخْرَى، وَلَم تَكُن هُنَاك رَقَابَة تُجَاه الْحَرْف،
وَقَد رَأَيْت ذَلِك فِي الْعَصْر الْحَدِيْث بِنَظْرَة وُفَكّر مُحَمَّد أَحْمَد السُّوَيْدِي أَمِيْن عَام الْمَجْمَع الْثَّقَافِي، الَّذِي فَتَح الْبَاب وَاسِعَا لِكُل الْأَفْكَار وَالثَّقَافَات لِتَتَلاقَى فِي مَعْرِض أبوظَبي لِلْكِتَاب وَفِي أَنْشِطَة الْمَجْمَع، وَرَأَيْت أَن نَظْرَتَه مُتَّسِعَة لِلْجَمِيْع عَلَى مُخْتَلَف مَشَارِبُهُم وُثَقَافَاتِهِم، وَأَنَا أَقْدَر هَذَا الْرَّجُل بِصُوْرَة اسْتِثْنَائِيَّة لِذَلِك، وَأَعْتَقَد أَنَّه لَم يَضُر الْأُمَّة سِوَى الْتَّضْيِيْق الْفِكْرِي وَقَمَع الْآَرَاء.
أَمَّا رُؤْيَتُه الْمُسْتَقْبَلِيَّة «لِلْفَجْر» فَيَقُوْل الْمَزرُوعِي: مَا زَال عِنْدِي طُمُوْح لِتَّطْوِيْر «الْفَجْر» وَأَتَمَنَّى أَن أُحَقِّقُه، وَأَنَا أَسِيْر فِي خِطَّة إِعْلامِيَّة إِدَارِيَّة تَقُوْل بِعَدَم الْدُّخُوْل فِي إِنْفَاق غَيَّر مَّوْزُوْن، وَنُحَافِظ عَلَى بَقَائِنَا كَصَحِيْفَة مُتَكَامِلَة، بِانْتِظَار فُرْصَة تَنْفِيْذ خُطِّط الْتَّطْوِيْر بِتَأّن، وَلَدَيْنَا دَرَاسَات مُتَعَدِّدَة لِلّتَطْوِيْر، وَنَطْبَع حَالِيّا حَوَالَي 12 أَلْف نُسْخَة، وَنَسْعَى إِلَى الِانْتِشَار الْمَدْرُوْس بِوَاقِعِيَّة، وَأَتَمَنَّى أَن تَعُوْد «الْفَجْر» بِحُلَّة جَدِيدَة قَرِيْبَا، بِتَقْدِيْمِهَا شَيْئا جَدِيْدَا لِلْقَارِئ الْمَحَلِّي وَالْعَرَبِي.
وَعَن دَوْر الْرَقَابَة عَلَى الْإِعْلَام الْمَحَلِّي؛ قَال الْمَزرُوعِي: كَان وَمَا زَال مَحْدُودَا جَدَّا، حَيْث إِن بَاب الْكِتَابَة مَفْتُوْح لِلْجَمِيْع، وَكَانَت جَمِيْع الْصُّحُف مُشَرَّعَة الْأَبْوَاب عَلَى جَمِيْع الْأَقْلام، مُنْذ أَيَّام الْشَّيْخ أَحْمَد بْن حَامِد -وَزَيْر الْإِعْلَام الْسَّابِق- وَوَكِيْلُه الْدُكْتُوُر عَبْد الْلَّه النُوَيْس، وَمُنْذ أَيَّام رَاشِد عَبْد الْلَّه وَخَلْفَان الْرُّوْمِي،
وَانْتِهَاء بِالْوَقْت الْحَالِي الَّذِي أَوْضَح فِيْه سِمْو الْشَّيْخ عَبْد الْلَّه بْن زَايِد آَل نَهْيَان وَزَيْر الْإِعْلَام وَالْثَّقَافَة مَفْهُوْم الْحُرِّيَّة الْإِعْلامِيَّة حِيْن قَال: «إِن مَسَاحَة الْحَرِيَّة مَوْجُوْدَة، وَعَلَى الْصُّحُف أَن تُسْتَغَلَّهَا، لَا بِحُدُود وَضَعْنَاهَا نَحْن، وَإِنَّمَا هِي مَفْتُوْحَة الْأُفُق» وَيَبْقَى عَلَيْنَا نَحْن الْإِعْلَامِيِّيْن أَن نَكْتُب بِأَمَانَة وَنَتَحَرَّى الْصِّدْق فِيْمَا نَكْتُب، أَي أَنَّهَا نَوْع مِن الْحُرِّيَّة الْمُلْتَزِمَة بِالْأَخْلاقِيَات وَمَصْلَحَة الْوَطَن، وَيَجِب أَن لَا تَنْفَصِل الْوَطَنِيَّة عَن الْإِعْلامِي حَتَّى وَإِن انْتَسَب إِلَى فِكْر أَو اتِّجَاه مُعَيَّن.