قِصَّة لِلْشَّيْخ /عَبْدِالْكَرِيْم الْبَكْرِي (رَحِمَه الْلَّه)
لِزِيَارَتِه لِّجِيْرَانِه وَالْمَرْضَى:-
إِعْدَاد الْبَاحِث حُسَيْن إِبْرَاهِيْم عَلَي الْبَادِي
شَهَادَة مِن عَبْدِالَّلطِيْف بْن أَحْمَد لوَتَاه
عَجْمَان دَار الْأَمْن وَالْأَمَان
مُنْتَدَيَات أَفَاق دُبَي الْثَّقَافِيّة
الْحَيَاة قَدِيْمَا:
أَنَا وُلِدْت فِي فَرِيْج الْحَد فِي عَجْمَان وَنَشَأَت مَع أَبْنَاء الْفُرَيْج حَيْث كَانَت الْحَيَاة قَدِيْمَا بَسِيْطَة وَأَجْمَل بِكَثِيْر مِن الْحَيَاة فِي عَصْرِنَا الْحَاضِر الَّذِي تَوَفَّرَت فِيْهَا كُل وَسَائِل الْرَّاحَة الْظَّاهِرِيَّة وَلَكِن اخْتَفَت وَسَائِل الْرَّاحَة الْدَّاخِلِيَّة وَالْنَّفْسِيَّة مِن الْشُّعُوْر بِالاطْمِئْنَان وَالْدِّفْء الْعَائِلِي وَالْأَسِرَّة وَحُب الْأَهْل وَالْجِيَرَان وَالْأُخُوَّة وَالْأَصْدِقَاء فَقَد قَرُبَت الْمَسَافَات بِسَبَب وَسَائِل الْنَّقْل الْحَدِيْثَة وَلَكِن وَبِسَبَب الْتَّحْدِيْث تَبَاعَدَت الْقُلُوْب وَحُلَّت الْحَوَاجِز الْكَثِيْرَة بَيْنَك وَبَيْن الْأَهْل وَالْأَصْحَاب فَلَا تَكَاد تَرَى الْأَخ أَو الِابْن وَالْصِّدِّيق إِلَا فِي الْمُنَاسَبَات أَو فِي الْمَسَاجِد مِن عِيْد إِلَى عِيْد وَمَن جُمُعَة إِلَى جُمُعَة أَو إِن حَضَرَت عُرْسِا أَو مَجْلِس عَزَاء تَرَى مِن لَم تَرَه مِن سِنِيْن طَوِيْلَة وَكُنْت مِن قَبْل تَرَاه كُل يَوْم وَفِي كُل سَاعَة، وَدَرَسَت فِي طُفُوْلَتِي عِنْد الْمْطَوِّع الْمُلا أَحْمَد الْأَنْصَارِي وَهُو مِن مُطَاوَعَة الْجَزِيرَة الْطَّوِيْلَة وَالْحَيْن يُسَمُّوْنَهَا جَزِيْرَة الْجِسْم وَالْشَّيْخ عَبْدُالْعَزِيْز الصَّفَّار وَهُو مِن سُكَّان الْشَّارِقَة وَكَان مُدَرِّسَا كَبِيْرَا عَلِمْنَا الْقِرَاءَة وَالْكِتَابَة وَالْحِسَاب وَغَيْرِهَا مِن عُلُوْم وَلَم يَكُن إِمَام مَسْجِد، وَكَان يُوْجَد فِي عَجْمَان الْعَدِيد مِن المَدَارِس مِنْهَا مَدْرَسَة الْشَّيْخ عَبْدِالْكَرِيْم الْبَكْرِي الَّتِي دَرَسَت فِيْهَا مُدَّة شَهْرَيْن تَقْرِيبِا وَكَانَت بَعِيْدَة عَلَي فِي الْفُرَيْج الْشَّرْقِي فَلِهَذَا قَام الْوَالِد وَفَتْح مَدْرَسَة قُرْب مَسْجِدِه وَبَنَاهَا مِن الْسَّعَف ودَرَسَنا فِيْه يُوَسُف الْجَرَمَن وَسَعِيْد تَابِع سُلْطَان بْن سَيْف بْن خَلْفَان الِمُهِيْري.
الْأَهْل:-
كَان وَالِدِي أَكْبَر الْأُخُوَّة وَكَان يُسَمَّى الْشَّيْبَة، وَبَعْدَه يَأْتِي اخْوَتِه يُوَسُف وَسُلْطَان وَحَسُن وَصَالِح وَكَان كَبَقِيَّة أَفْرَاد أُسْرَتِه مِن الْتُّجَّار وَعَمِل فِي تِجَارَة الْلُّؤْلُؤ وَكَانَت تِجَارَتِه تَمْتَد إِلَى أبوظَبي وَكُنْت أَنَا دَائِمَا أَسِيْر إِلَيْه فِي مَدِيْنَة الْعَيْن وَكَان ضَلِيْعَا فِي التَّوَارِيْخ وَأَخْبَرَنِي عَن وَالِدَي وَعَن أَهْلِنَا وَمَن أَيْن أَتَوْا وَإِلَى أَيْن وَصَلُوْا وَقَال لِي ان لَنَا نَخَلا فِي الْقَطَّارِة وَأَخَذَنِي إِلَى مَكَانِهَا، وَتُوُفِّي وَالِدَي رَحْمَة الْلَّه عَلَيْه فِي سَنَة كَسَاد الْلُّؤْلُؤ (1939) وَكَان عُمْرِي إِحْدَى عَشْرَة سَنَة فَعِشْت عِنْد أَهْل أُمِّي عُوَشَة بِنْت عَبْدِاللّه بْن سَالِم الِمُهِيْري فِي بَيْت وَالِدُهَا، وَعِنْدَمَا مَات جَدِّي عَبْدِاللّه هَذَا كَان عُمُرِي اثْنَتَي عَشْرَة سَنَة وَكُنْت جَالِسا عِنْدَه وَمَر عَلَيْه الْشَّيْخ عَبْدِالْكَرِيْم الْبَكْرِي لِيَعُوْدَه حَيْث مَرِض وَقَعَد فِي بَيْتِه وَلَم يَسْتَطِع الَذْهَاب إِلَى الْمَسْجِد لِصَلَاة الْجَمَاعَة، فَقَال جَدِّي لِلْبِكّري: يَا شَيْخ أَنَا مِن حَجَجْت بَقِيَت طِيَلَة عُمْرِي أَصُوْم وَلَا أَذْكُر أَنَّنِي مَرِضْت يَوْمَا وَفَطَرْت وَهَذِه أَوَّل مَرَّة أَمْرَض فِيْهَا وَأَعْجَز عَن حُضُوْر صَلَاة الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد وَأَرَى نَفْسِي مَيْتَا قَرِيْبا، فَقَال لَه الْبِكْرِي: إِن شَاء الْلَّه سَتَقُوْم وسَتُصَلي فِي الْمَسْجِد مَعَنَا، وَذَهَب الْبَكْرِي إِلَى الْمَسْجِد لِصَلَاة الْمَغْرِب، وَقَام جَدِّي وَتَوَضَّأ وَمَسَح عَلَى وَجْهِه وَقَال: أَشْهَد أَن لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه وَأَن مُحَمَّدا رَسُوْل الْلَّه وَقَام وَصَلَّى الْمَغْرِب ثُم نَادَى عَلَى خَادِمِه وَقَال لَه: قُم وَسَو لَنَا قُرْص وَخَلِّنَا نَاكُل وَلَا يَمُوْت الْوَاحِد وَهُو يُوْعَان أَي لَا يَمُوْت الْإِنْسَان وَهُو جَائِع، وَتَعَشَّى جَدِّى وَجَلَس يَنْتَظِر وَقْت صَلَاة الْعِشَاء وَحِيْنَهَا مَات جَدِّي وَأُغْمِض عَيْنَيْه وَأَنَا أَشَاهِدُه فَقُمْت وَنَادَيْت عَلَى أُمِّي وَخَالِي عَلَي فَجَاءَا وَعَرَفْت مِنْهُمَا أَن جَدِّي مَات وَذَهَبَت إِلَى الْمَسْجِد لَأُخْبِر الْشَّيْخ الْبَكْرِي بِوَفَاة جَدِّي وَلَمَّا سَلِم رَآَنِي وَاقِفَا عَلَى رَأْسِه قَال لِلْجَمَاعَة: عَبْدِاللّه تُوُفِّي