الْمَدْرَسَة الْتَّيْمِيـة الْمُحَمـوُدِّيـة
لَعَل مِن أَبْرَز الانْجَازَات الْعِلْمِيَّة وَالْدَّعَوِيَّة وَالْثَّقَافِّيَّة وَالْخَيْرِيَّة،
لِلْشَّيْخ عَلِي الْمَحْمُوْد ( رَحِمَه الْلَّه )
تِلْك الْمَدْرَسَة الَّتِي أَنْشَأَهَا سُنَّة (1320هـ – 1907م) وَالَّتِي ظَلَّت مَا يُقَارِب عِشْرِيْن عَاما، مَنَارَة الْعِلْم وَالْتَّعْلِيْم فِي أَمَّارَة الْشَّارِقَة وَعَلَامَة بَارِزَة فِي بِدَايَات تَطَوُّر الْتَّعْلِيْم بّالامَارَات. وَظَلَّت الْشُّعْلَة الَّتِي أَضَاءَت مَا حَوْلَهَا وَانْطَلَقْت مِنْهَا رِسَالَة الْهُدَى وَالْعِلْم .
اسْم الْمَدْرَسَة :
يُلَاحَظ أَوَّلَا أَن الاسْم الَّذِي اخْتِير لِلْمَدْرَسَة يَتَكَوَّن مِن شِقَّيْن :
أَوَّلُهُمَا : الْتَّيْمِيَّة ، وَثَانِيْهِمَا : الْمَحْمُوْدِيَّة .
فَأَمَّا الشِّق الْأَوَّل : الْتَّيْمِيَّة
فَيُقْصَد بِه أَن مدير الْمَدْرَسَة الْشَّيْخ / عَبْدِالْكَرِيْم الْبَكْرِي يُعْتَمَد عَلَى نَهْج الْسَّلَف الْصَّالِح، إِذ الْمَعْرُوْف لَدَى الْعَامَّة وَالْخَاصَّة، أَن كَتَب شَيْخ الْاسْلَام ابْن تَيْمِيَّة، هِي الَّتِي اعْتُنِي بِهَا غَايَة الْعِنَايَة بِالْنَّشْر، نَظَرَا لِأَثَرِهَا فِي إِصْلَاح الْفَرْد وَالْمُجْتَمَع، عَقِيْدَة وَخُلُقَا وَتَرْبِيَة وَنِظَامَا.
أَمَّا الشِّق الْثَّانِي : الْمَحْمُوْدِيَّة
مِن اسْم الْمَدْرَسَة ، فَهُو نِسْبَة إِلَى الْمَحْمُوْد الَّذِي أَنْشَأَهَا وَأَنْفَق عَلَيْهَا، وَأَحْضَر لَهَا الْعُلَمَاء وَالْمُعَلِّمِيْن، وَزَوَّدَهُا بِالِاحْتِيَاجَات، حَيْث كَانَت الْدِّرَاسَة فِيْهَا بِالْمَجَّان .
وَالْحَق أَن هَذِه الْمَدْرَسَة الَّتِي أُنْشِئَت سُنَّة 1907م، ثُمَثَّل نُقْطَة الْبِدَايَة الْمَنْظُوْرَة فِي طَرِيْق الْعِلْم وَالْفَضِيْلَة فِي الْدَّوْلَة، إِذ سَارَت فِي طَرِيْق الْتَّعْلِيْم تُرَبِّي وَتَعْلَم وَتُثَقِّف، وَتُعَد الْرِّجَال فَكَان مِنْهُم الْمُفْتِي، وَالْقَاضِي، وَالْمُدَرِّس، وَالْأَدِيْب، الْخ …. وَفِي الْجُمْلَة لَقَد آَتَت الْمَدْرَسَة ثَمَرَتُهَا شَهِيَّة طَيِّبَة، وَأَدْت رِسَالَتَهُا الْمَرْجُوَّة، كَمَا أَنَّهَا أُوْفِدَت أَو بِعْثَة دِرَاسِيَّة مِن طَلَبْتَهَا لِاسْتِكْمَال تَعْلِيْمُهُم خَارِج الْشَّارِقَة لِيَعُوَدا قُضَاة وَمُفَتَين ووُعّاظَا وَخُطَبَاء وَمُعَلِّمِيْن
مُلَابِسَات نَشْأَة الْمَدْرَسَة الْتَّيْمِيَّة الْمَحْمُوْدِيَّة
ذَكَر فَضِيْلَة الْشَّيْخ / مُحَمَّد بْن عَلِي الْمَحْمُوْد مُلَابِسَات نَشْأَة الْمَدْرَسَة فَقَال فِي سَنَة 1325هـ بَدَأ وَالِدِه يُفَكِّر فِي تَّأْسِيْس الْمَدْرَسَة وَبَعْد عَامَيْن أَو ثَلَاثَة أَعْوَام قَام بِافْتِتَاحِهَا بَعْد أَن هَيَّأ لَهَا الْمُقَر وَأَثَّثَه وَوَفِّر الْأَدَوَات وَاللَّوَازِم ,
فَقَد تَم افْتِتَاح الْمَدْرَسَة رِسَمِيّا فِي سَنَة1327هـ الْمُوَافِق 1907م تَقْرَيْبَا .
وَخِلَال الَفَتَرَة الَّتِي بَدَأ فِيْهَا يُفَكِّر بِتَأْسِيس الْمَدْرَسَة عَرَض أَمْر إِنْشَائِهَا عَلَى بَعْض الْتُّجَّار بِالشَارِقة , وَحَثَّهُم عَلَى الْمُسَاهَمَة فِي هَذَا الْعَمَل .
فَقَد ذَكَر الْمَرْحُوْم / رَاشِد بْن أَحْمَد بْن لوَتَاه , هَذِه الْمَسْأَلَة وَقَال عِنْد مَا عَرَض / عَلَي الْمَحْمُوْد مَوْضُوْع إِنْشَاء الْمَدْرَسَة عَلَى تُّجَّار الْشَّارِقَة وَعَدُوَّه خَيْرَا ,وَلَكِن بَعْد أَن مَضَت الْأَيَّام رَآَهُم مُتَثَّاقَلِين .
وَعِنْدَمَا وَجْه لَهُم الْسُّؤَال الْأَخِير لَم يَجِد إِجَابَة شَافِيَة عِنْدَهَا عَقَد الْنِّيَّة عَلَى الْمُضِي قُدُمَا فِي تَحْقِيْق فِكْرَتِه وَبَدَأ يُعِد الْمَكَان الَّذِي اخْتَارَه مُقِرّا لِلْمَدْرَسَة وَتَم تَجْدِيْدُه , وَوَفِّر لَه مَا يَلْزَم مِن أَدَوَات وحَاجيَات ,
وَفِي الْبِدَايَة طَلَب مِن فَضِيْلَة الْشَّيْخ / مُحَمَّد بْن عَبْدِالْعَزِيْز الْمَانِع تَوَلَّي إِدَارَة الْمَدْرَسَة إِلَا أَن ظُرُوْفِا حَالَت دُوْن ذَلِك .
فَبَعْد عَوْدَة ابْن مَانِع مِن بَغْدَاد فِي طَرِيْقِه إِلَى الْرِّيَاض نَزَل فِي قَطْر وَالْتُّقَى بِالْشَّيْخ / عَبْدِالْلَّه بْن جَاسِم آَل ثَانِي فَأَقْنَعَه بِالَّمُكُوْث فِي قَطْر وَبَنَى لَه مَدْرَسَة وَهِي الْمَدْرَسَة الْأَثَرِّيَة .