الْأُسْتَاذ / رَاشِد عُبَيْد رَاشِد الْشَّوْق ( حَفِظَه الْلَّه )

الْأُسْتَاذ / رَاشِد عُبَيْد رَاشِد الْشَّوْق ( حَفِظَه الْلَّه )

- ‎فيسيرة الذين تربطهم علاقة معه
2384
0
صورة مصغرة تلقائية

الْأُسْتَاذ / رَاشِد عُبَيْد رَاشِد الْشَّوْق ( حَفِظَه الْلَّه )

هُو مِن قَبِيْلَة آَل عَلِي وُلِد فِي إِمَارَة الْشَّارِقَة بِدَوْلَة الْإِمَارِات عَام 1937م عَلَى وَجْه الْتَّقْرِيْب لَا الْتَّحْدِيْد. كَانَت طُفُوْلَتِه عَادِيّة لَيْس فِيْهَا مَا يُمَيِّزُهَا وَخَاصَّة ً فِي ذَلِك الْوَقْت الَّذِي كَانَت فِيْه هَذِه الْمِنْطَقَة تَفْتَقِر إِلَى ابْسُط وَسَائِل الْحَيَاة .. عَاش طُفُوْلَتِه بَيْن أَب وَأُم وَثَلَاثَة أَخَوَات وَأَخَوَيْن .
وَكَان أَمْرَا طَبِيْعِيا فِي ظِل الْظُرُوْف الاجْتِمَاعِيَّة وَالْإِقْتِصَادِيَّة الْصَّعْبَة أَن يَصْحَبَه أَبُوْه مَعَه إِلَى مِهْنَة الْغَوْص الَّتِي اسْتَمَر فِيْهَا فَتْرَة مَارَس خِلَالَهَا الْعَدِيْد مِن الْأَعْمَال فَقَد عَمِل (وَلِيَد) ثُم (يْلّاس) ثُم (سَيْب) بَعْدَهَا أَصْبَح مَسْؤُوْلا عَن إِعْدَاد الْطَّعَام فِي السَّفِيْنَة، أَي بِمَثَابَة (مُسَاعِد مْجَدَمّي) وَالمْجَدَمّي هُو مُسَاعِد الْرُّبَّان (النوَاخذا) .

بَعْد انْتِهَاء حِرْفَة الْغَوْص اشْتَغَل فِي جَزِيْرَة أَبُو مُوْسَى الَّتِي كَان يَصْدُر مِنْهَا إِلَى بَعْض الْمَنَاطِق نَوْع مِن الْصِّبْغ الْأَحْمَر يُسَمَّى (مُغْر).
وَفِي مُنْتَصَف الْخَمْسِيْنَات سَافَر الْشَّوْق مَع أُخُوَّتُه إِلَى الْكُوَيْت لَيَعْمَل هُنَاك فِي شَرِكَة بِتْرُول. وَكَان عُمْرُه حِيْنَا ذَاك الْخَامِسَة عَشَر. ثُم انْتَقَل لِلْعَمَل مَع أَحَد تُجَّار الْتُّمُوْر. وَبَعْدَهَا عَمِل مُرَاسِلَا سَيْرَا عَلَى الْأَقْدَام.
وَفِي أَوَائِل الْسِتِّينَات رَجَع الْشَّوْق مِن الْكُوَيْت لَيَعْمَل بِالشَارِقة فِي الْقَاعِدَة الْبِرِيطَانِيَّة الَّتِي كَانَت مَوْجُوْدَة فِي ذَاك الْوَقْت وَاسْتَمَر فِي هَذَا الْعَمَل حَتَّى إِنْسِحَاب الْإِنْجِلِيْز مِن الْمِنْطَقَة فِي عَام 1972م.
إِنْتَقَل بَعْد ذَلِك لِلْعَمَل فِي تِجَارَة قِطَع غِيَار الْسَّيَّارَات وَسَاعَدَه عَلَى ذَلِك أَتْقَانَه لِلُّغَة الْإِنْجِلِيْزِيَّة الَّتِي إكْتَسَبِهَا مِن خِلَال تَعَامُلاتِه وَعَمَلِه مَع الْإِنْجِلِيْز. وَلَكِن هَذَا الْعَمَل لَم يُرْضِي طُمُوْحَه حَيْث كَان الْشَّوْق عَاشِق لِلْاطِّلاع وَالْثَّقَافَة، يَتَحَسَّس الْأَحْدَاث الْتَّارِيْخِيَّة وَيُعَبَّر عَنْهَا بِمَفْهُوْم شَعْبِي بَرِئ وَيَمْلِك الْكَثِيْر مِن الْأَفْكَار الَّتِي تَنْتَظِر سَبَبَا لِتَحْرِيْكِهَا واثَارَتِهَا. هَذَا الْإِحْسَاس وَالِاتّجَاه كَانَا دَافِعَا لأَشْتِغَالُه فِي الْمَكْتَبَة الْثَّقَافِيّة، وَهِي أَوَّل مَكْتَبَة خَاصَّة فِي الْشَّارِقَة، افْتَتَحَهَا مُحَمَّد بْن رَاشِد الْجِرْوَان وَفِيْهَا أَشْبَع الْشَّوْق عُشْقِه لِلْكُتُب وَالْإِطِّلاع وَتَعْلَم الْكَثِيْر عَن صِنَاعَة الْكُتُب وَالْأَدَوَات الْمَكْتَبِيِّة، مَصَادِرِهَا وَتِجَارَتِهَا. وَكَان ذَلِك حَافِزَا لِأَن يَحْلُم بِتِكِوين مُؤَسَّسَة ثَقَافِيَّة يُحَقِّق مِن خِلَالِهَا طُمُوَحَّاتِه، وَشَاءَت الْأَقْدَار أَن يَلْتَقِي بِمَن يُسَاعَدَه عَلَى الانْطِلاق، فَقَد الْتَقَى بِأَحْمَد الْكَيَتُوب، وَحَسُن الْشَّيْخ فَكَانَت مَعْرِفَتِه بِهِمَا إِنْفْتَاحا عَلَى عَالَم الْثَّقَافَة وَالْكُتُب.
وَوَضَع طُمُوَحَّاتِه وَأَحْلَامِه مَوْضِع الْتَّنْفِيْذ ، فَانِشَأ فِي عَام 1974م مَكْتَبَة خَاصَّة بِاسْم مَكْتَبَة الاتِّحَاد. الَّتِي كَانَت ثَالِث مَكْتَبَة بَعْد الْمَكْتَبَة الْثَّقَافِيّة وَمَكْتَبَة الْآدَاب فِي الْشَّارِقَة.
لَقَد أَنْهَى الْشَّوْق حَيَاتِه الْعَمَلِيَّة بِالْعَمَل لَدَى دَائِرَة الْثَّقَافَة وَالْإِعْلَام –بِإِدَارَة الْتُّرَاث كَمَرْجِع تُرَاثِي يَمْلِك حَصِيْلَة كَبِيْرَة مِن الْمَأْثُوْرَات الْشَّعْبِيَّة وَيُمْكِن الْقَوْل بِأَن الْشَّوْق مُر بِمَرْحَلَتَيْن مُهِمَّتَيْن فِي حَيَاتِه، أَوَّلُهُمَا مَرْحَلَة الْغَوْص وَرَوَاج تِجَارَة الْلُّؤْلُؤ أَنَذَاك ثُم أنْقِرَاضِهَا. وَثَانِيْهِمَا مَرْحَلَة مَا بَعْد الْغَوْص وإِنْتُقَال مُجْتَمَع الْإِمَارِات إِلَى الْمَدِيْنَة الْجَدِيْدَة، مِمَّا يَعْنِي تَغْيِيْرِا شَامِلا فِي الْعَادَات وَالْتَّقَالِيْد وَأَنْمَاط الْسُّلُوك وَالْحَيَاة الاجْتِمَاعِيَّة وَالاقْتِصَادِيَّة.
تَكَوَّنَت لَدَى الْشَّوْق خِلَال هَاتَيْن الْمَرْحَلَتَيْن خِبْرَات وَتَجَارِب وُحَصِيْلَة مَعْرَفِيَّة أَعْطَتْه الْقُدْرَة عَلَى الْرِّوَايَة الْمُؤَثِّرَة فِي الْنَّاس، وَأَكَّدَت عَلَاقَتَه الْمَتِيْنَة بِالْتُّرَاث الَّذِي يَنْتَمِي إِلَيْه، وَإِمَكَانِّيَات تَقْدِيْم هَذَا الْتَّرَاث وَإِعَادَة صِيَاغَتُه. كُل ذَلِك أَدَّى إِلَى أَن يَحْظَى بِاعْتِرَاف الْمُجْتَمَع بِاعْتِبَارِه رَاوِيْا كُفُؤَا وَمَوْهُوْبا.
إِن مَرَاحِل التَّطَوُّر الْحَضَارِي لِمُجْتَمَع الْإِمَارِات وَالَّتِي عَاصِرَهَا الْشَّوْق مَكَّنَتْه مِن التَّعَرُّف عَلَى قِيَم وَتَقَالِيْد الْإِبَاء وَالْأَجْدَاد وَشُكِّلَت لَدَيْه فِي مَجْمُوْعِهَا تُرَاث مُجْتَمَعِه مُنْذ طُفُوْلَتِه الْمُبَكِّرَة، وَقَد أَزْدَاد تَأَثُّرِه وَوَعْيِه بِهَا، كُلَّمَا تَقَّدَم بِه السِّن حَتَّى وَصَل إِلَى مَرْحَلَة الْنُّضْج الَّتِي أَصْبَح فِيْهَا قَادِرَا عَلَى إِعَادَة مَا تُمَثِّلُه مِنْهَا .
وَلَعَل مَا تَرَكَه الْشَّوْق مِن مَأْثُورَات شَاهِد عَلَى ذَلِك فَقَد أَكَّد عَلَى أَهَمِّيَّة الْحِكَايَات الْشَّعْبِيَّة وُدَوْرِهَا فِي تَرْبِيَة الْطِّفْل وَتَوْسِيْع خَيَالِه وَتَعْلِيْمِه الْحُكْم وَالْعِظَات وَفِعْل الْخَيْر وَالْمَعْرُوْف .
وَأَكَّد الْشَّوْق أَيْضا عَلَى دَوْر الْمَجَالِس كَنَسَق اجْتِمَاعِي ضَرُوْرِي لِتَمَاسُك الْمُجْتَمَع وَغَرْس الْقِيَم الْأَصِيلَة وَالْعَادَات الْحَمِيْدَة الْمَرْغُوْبَة فِي أَبْنَائِنَا.
وَرَوَّى الْشَّوْق عَن دَوْر الْجِدَّة وَشِبْهِهَا بِالرْبَان الَّذِي يَقُوْد السَّفِيْنَة فَقَال إِن الْجِدَّة هِي الْمُرَبِّيَة وَالْمُعَلِّمَة وَهِي الْبَيْت الْهَادِئ الَّذِي يَعْبَق بِرَائِحَة الْحُب وَالْسَكِيّنَه وَالْعَلَاقَة الْوُجْدَانِيَّة وَالْإِنْسَانِيَّة الْمُمْتَدَّة الَّتِي غَابَت وَاخْتَصَرَت الْآَن إِلَى عِلَاقَة شَرَاب وَطَعَام وَأَوَامِر لَا تَنْتَهِي بِفِعْل “الْبَدِيْلَة” الْخَادِمَة .. فَالَجَدَّة مِثَالَا لِلْعِبَر وَالْعِظَات وَالْعَطَاء وَالتَّضْحِيَة وَالْمُشَارَكَة فِي تَحَمُّل مَسْؤُوْلِيَّات الْحَيَاة .
وَطَالَب الْشَّوْق بِضَرُوْرَة تَعْلِيْم الْتُّرَاث فِي الْمَدَارِس وَنَاشَد الْمُخْتَصِّين فِي مَجَال الْتُّرَاث بِأَن يَسْتَفِيِدُوْا وَيَسْتَغْلُوا مَا وَصَل إِلَيْه الْعِلْم مِن تَقَدَّم فِي تَوْفِيْر أَدَوَات تُسَاعِد عَلَى اكْتِشَاف مَوَاطِن الْتُّرَاث وَحِمَايَتِه مِن الْضَيَاع. وَإِن يَضَعُوْا عَلَى عَاتِقِهِم تَعْرِيْف الْجِيْل الْجَدِيْد وَمُضَاعَفَة الْجُهُوْد فِي جَمْع وَتَسْجِيل هَذِه الْمَعْلُوْمَات الَّتِي قَد تُفِيْد الْبَاحِثِيْن وَالْمُهْتَمِّين، وَتُرَبِّي رُوْح الْمُوَاطَنَة لَدَي الْأَجْيَال الْقَادِمَة.
وَتَحَدَّث عَن الّافْلاج الْمَوْجُوْدَة فِي الْإِمَارَات وَالَّتِي حَفَرَهَا الْأَجْدَاد بِطَرِيْقَة هَنْدَسِيَّة مُتَقَدِّمَة لِتَلْبِيَة احْتِيَاجَاتِهِم فِي تَوْفِيْر مِيَاه الْشَّرَاب وَرِي الْمَزْرُوْعَات الْمُتَنَوِّعَة. فَقَال أَن الْفَلَج عِبَارَة عَن مَجْمُوْعَة أَبَّار، يُسَمَّوْن كُل بِئْر مِنْهَا ثُقْبَة. كَمَا ذَكَر الْأَوْزَان الْمُسْتَخْدَمْة فِي الْمَاضِي وَعَلَاقَتِهَا بِالْأَوْزَان الْهِنْدِيَّة وَمَا يُسَمَّى قَدِيْمَا بـ جَاس الْصِّيْر وَلِلْشَّوْق بَاع فِي الْتَّعْرِيْف بِالَأَلعَاب الْشَّعْبِيَّة الإِمَارَاتِيّة وَطَرِيْقَة مُمَارَسَتِهَا وَأَنْظِمَتِهَا وَقَوَانِيْنُهَا.. وَذّكَريِات وَأَحَادِيْث وَرِوَايَات عَدِيْدَة وَمُتَنَوِّعَة عَن الْغَوْص وَالْأَجْهِزَة الْقَدِيْمَة وَالْأَمْثَال وَالْأَغَانِي وَالْإِشْعَار الَّتِي كَانَت تُرْوَى فِي الْمُنَاسَبَات الْمُخْتَلِفَة .
فِي طُفُوْلَتِه الْمُبَكِّرَة أَرْسَل إِلَى (الْمْطَوِّع) أَي الْكَتَّاتِيب الَّتِي كَانَت تَحْفَظ الْقُرْآن الْكَرِيم وَتَعْلَم بَعْض مَبَادِئ الْحِسَاب وَالْقِرَاءَة وَالْكِتَابَة. وَالَّتِي كَانَت مُنْتَشِرَة فِي الْمِنْطَقَة أَنَذَاك .. وَفِي هَذِه الْمَرْحَلَة خَتَم الْقُرْآَن .
وَيُرْوَى أَن الْشَّوْق دّرْس فِي الْمَدْرَسَة الْمَحْمُوْدِيَّة الَّذِي مُدِيْرِهِا الْشَّيْخ/ عَبْدِالْكَرِيْم الْبَكْرِي لِفَتْرَة قَصِيْرَة مِن الْزَّمَن، وَكَانَت تَعْنِي هَذِه الْمَدْرَسَة بِالْدَّرَّجَة الْأُوْلَى بِتَدْرِيْس الْعُلُوم الْدِّيْنِيَّة وَالْمَعَارِف الْإِسْلَامِيَّة وَالْفِقْه وَالْعَرَبِيَّة وَآِدَابِهَا، فَضْلَا عَن مَوَاد أُخْرَى. وَتُعْتَبَر الْمَدْرَسَة الْمَحْمُوْدِيَّة مِن أَوَائِل الْمَدَارِس الْنِّظَامِيَّة الَّتِي أُفْتُتِحَت فِي الْإِمَارَات لْيَؤُمُهَا الْطَّلَبَة مِن مُعْظَم إِمَارَات الْمِنْطَقَة وَالَّتِي كَان الْتَّعْلِيْم فِيْهَا مَجَّانِيّا لِلْمُوَاطِنَيْن وَالْوَافِدِيْن عَلَى حَد سَوَاء .

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *