الْشَّيْخ / مُحَمَّد بْن رَحْمَة الْعَامِرِي ( رَحِمَه الْلَّه )

الْشَّيْخ / مُحَمَّد بْن رَحْمَة الْعَامِرِي ( رَحِمَه الْلَّه )

- ‎فيسيرة الذين تربطهم علاقة معه
2939
0
محمد العامري

الْشَّيْخ / مُحَمَّد بْن رَحْمَة الْعَامِرِي ( رَحِمَه الْلَّه )

وُلِد فِي إِمَارَة عَجْمَان لِأَبَوَيْن أُمِّيّين لَا يَقْرَآن وَلَا يَكْتُبَان فِي عَصْر الْأُمِّيَّة الَّتِي أُخِذْت مَدَاهَا فِي ذَاك الْزَّمَان (كَمَا قَال) وَلَكِنَّهُمَا كَانَا يَحْفَظَان الْقُرْآَن وَيَسِيْرَان عَلَى خُطَى سُنَّة الْرَّسُوْل(عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام)، وَهُو مِن قَبِيْلَة الْشُوُامِس، وَيَتَّصِل نُسِب هَذِه الْقَبِيْلَة الْأَزْدِيَّة الْقُحْطَانِيَّة بـ” شَمْس بْن عَمْرِو بْن غَنْم بْن غَالِب بْن عُثْمَان بْن نَصْر بْن زَهْرَان بْن كَعْب بْن الْحَارِث بْن كَعْب بْن عَبْدِالْلَّه بْن مَالِك بْن نَصْر بْن الْأَزْد”، وَقَد كَانَت قَبِيْلَة بِوَشامِس فِي ذَلِك الْوَقْت مُمْتَدَّة بَيْن الْإِمَارِات الْعَرَبِيَّة الْمُتَّحِدَة حَالِيّا وَسَلْطَنَة عُمَان فِي مِنْطَقَة تُسَمَّى(الْخَتْم) ·
وَكَان لِمُحَمَّد أُخْت أَكْبَر مِنْه وَأَخْتَان وُلِدَتَا بَعْدِه، تُوُفِّيَت إِحْدَاهُمَا فِي عُمْر صَغِيْر، عَمِل وَالِد مُحَمَّد فِي الْبَحْر شَأْنِه شَأْن مُعْظَم الْرِّجَال، حَيْث كَانَت حَيَاة الْنَّاس تُعْتَمَد عَلَى مِهِن مَحْدُوْدَة فِي الْبَحْر وَهِي صَيْد الْسَّمَك وَاسْتِخْرَاج الْلُّؤْلُؤ وَتِجَارَة الْلُّؤْلُؤ، وَمُنْذ أَن رِزْق الْأَب بِالْصَّبِي وَهُو دَائِم الْتَّفْكِيْر مَع الْأُم فِي تَوْفِيْر حَيَاة أَفْضَل مِن تِلْك الَّتِي عَاشَهَا جِيلَهُما، خَاصَّة وَأَن الْأَب كَان قَد تَزَوَّج قِبَل أُم مُحَمَّد وَرِزْق بِوَلَدَيْن لَم يَعِيْشَا طَوَيْلَا حَيْث تُوُفِّيَا طِفْلَيْن·
وَنَتْرُك الْشَّيْخ مُحَمَّد يُكَمِّل-
وَكَان يَتَحْدُث مَعَنَا بِالْفُصْحَى- لِيَقُوْل: كَان وَالِدِي شَدِيْد الْحَنَان، وَدِيْعَا، لَطِيْفا، لَم يَرْفَع يَدَه عَلَي قَط، لَكِن أُمِّي كَانَت ذَات شَخْصِيَّة قَوِّيَّة وَهِي الَّتِي تُدِيْر مُهِمَّة الْتَّرْبِيَة، وَقَد يَخْتَلِف مَعَهَا وَالِدَي فِي الْأُسْلُوب وَلَكِنَّهُمَا يَلْتَقِيَان فِي الْرَّأْي وَلَا تُخَالِفُه،عِنْد مَصْلَحَتِي، وَمَن نَظْرَة الْأَب الْبَعِيْدَة لِلْمُسْتَقْبَل فَكَّر مَع الْأُم بِإِدْخَال طِفْلِهِمَا مَدْرَسَة الْشَّيْخ عَبْدِالْكَرِيْم الْبَكْرِي، وَقَد كَانَت هُنَاك مَدْرَسَتَان إِحْدَاهُمَا فِي عَجْمَان وَالْأُخْرَى فِي الْشَّارِقَة·

تُعَلِّمُنَا وَلَكِن الْحَيَاة لَيْسَت تَعْلِيْما فَقَط وَلَكِنَّهَا طُمُوْح أَيْضا، وَلِذَلِك بَعْد سَنَوَات مِن الانْتِظَام فِي الْدِّرَاسَة وَجَدُّت أَن طُمُوْحَاتِي لَا تَقْف عِنْد حَد مُعَيَّن، فَقَد كُنْت أَطْمَح فِي الْمُشَارَكَة فِي الْسِيَاسَة وَالْخَدَمَات الاجْتِمَاعِيَّة وَالْتِّجَارَة، وَقَد كُنْت قِيَادِيْا حَتَّى فِي الْمُشَاغَبَات فِي الْمَدْرَسَة·وَأَتَذَكَّر أَنَّنِي ذَات يَوْم قَرَّرْت الَذْهَاب إِلَى الْبَحْر وَقْت الْدَّوَام الْمُدَرِّسِي، وَقَد أَخَذَت مَعِي مَجْمُوْعَة مِن الْزُّمَلاء وَكُنَّا لَا نَزَال عَلَى عَتَبَات الْمُرَاهَقَة، فَتَرَكْنَا الْمَدْرَسَة وَخَرَجْنَا، وَفِي الْطَّرِيْق اقْتُرِحَت عَلَيْهِم أَن نَذْهَب لِمَنْزِلِنَا لِنَشْرَب بَعْض الْمَاء، وَقَد كَانَت الْبُيُوْت مِن سَعَف الْنَّخِيل وَكَان هُنَاك عَرِيْش، وَفِي الْعَرِيش كَانَت سَفَرَة الْطَّعَام الَّتِي تُوْضَع لِلْضُّيُوْف وَتُسَمَّى فُوَالَة مَوْضُوْعَة عَلَى الْبِسَاط وَبِجَانِبِهَا الْقَهْوَة، وَكَان هَذَا حَالُهَا كُل يَوْم حَيْث تُوْضَع هُنَاك فِي انْتِظَار الْقَادِم، فَأُجْلِسْت الْشَبَاب وَقُدِّمَت لَهُم الْقَهْوَة، وَمَرّت سَيِّدَة وَرَأَت ذَلِك الْمَنْظَر فَنَهَرْتِنا قَائِلَة: يَا مَن لَا تَسْتَحُون، هَرَبْتُم مِن الْمَدْرَسَة لِتَأْتُوا لِتَنَاوُل الْقَهْوَة، سَوْف تَرَوْن مَا يَحْدُث لَكُم·
خَوْفا مِن الْعِقَاب خَشِيْنَا مِن الْعَوْدَه إِلَى الْمَدْرَسَة، فَاتَّفَقْنَا عَلَى عَدَم الْعَوْدَة ذَلِك الْيَوْم، وَفِي الْطَّرِيْق وَنَحْن نُفَتِّش عَن مَكَان نَخْتَبِئ فِيْه أَيْضا شَاهَدتَّنا سَيِّدَة أُخْرَى وَهَدَّدَت بِأَن تُخْبِر أَهْلِنَا، وَتَساءلْنا: أَيْن نَذْهَب؟ فَقَال أَحَدُهُم أَن لَه أَقَارِب فِي مِنْطَقَة الْحَيْرَة فِي الْشَّارِقَة وَأَنَّه بِإِمْكَانِنَا أَن نَذْهَب إِلَيْهِم، وَلَم نَكُن نَعْرِف حَتَّى مِنْطَقَة الْحَيْرَة وَلَكِن أَحَدُهُم قَال: انَهَا الْمِنْطَقَة الَّتِي يُرَى نَخِيْلِهَا مِن بَعِيْد، فَسِرْنَا إِلَى هُنَاك وَوَصَلْنَا بَعْد فَتْرَة الْغَدَاء وَقَد أَطْعِمُوْنَا أَرْزَا وَسَمَكا مَشْوِيّا وَبَعَثُوا بَعْد صَلَاة الْعَصْر إِلَى الْسَوُّق مِن يَبْحَث عَن رَجُل يَكُوْن مِن إِمَارَة عَجْمَان كَي يَكُوْن لَنَا وَاسِطَة عِنْد أَهْلِنَا كَي لَا نُعَاقَب، وَعِنْدَمَا وَصَّلْنَا كَان أَوَّل مَن وَصَل لِبَيْتِه ابْن خَالَتِي الَّذِي مَا أَن أَسْتَلِمُه أَهْلِه حَتَّى قَالُوْا لِلْرَّجُل لَا شَأْن لَك الْآَن وَشُكْرَا عَلَى مَا فَعَلْت، وَنَال ابْن خَالَتِي نَصِيْبَه مِن الْعِقَاب، وَحَدَث ذَلِك مَع الْآَخَرِيْن وَمَعِي·
أَوَّل مِهْنَة
قَبْل عُمَر الْسَّابِعَة عَشْرَة وَلَحَب الْوَالِدَيْن لِلْعِلْم ولِثِقَتِهُم فِي الْشَّيْخ عَبْدِالْكَرِيْم الْبَكْرِي، فَعَل ابَوَاه كَمَا فَعَل الْكَثِيْر مِن اهْل الْعُلَمَاء وَأَئِمَّة الْمُسْلِمِيْن قَدِيْما، حَيْث سَلْمَاه لِلْشَّيْخ وَطَلَبَا مِنْه أَن يَتَعَّهدَه بِالْعِلْم الْشَّرْعِي وَأَن يُوَجِّهْه مِن خِلَال المَعِيْشَة الْيَوْمِيَّة نَحْو الْسُّنَّة الْنَّبَوِيَّة الْمُطَهَّرَة، وَهَكَذَا أَصْبَح الْشَّيْخ الْبَكْرِي وَالِدا لِمُحَمَّد وَقَد سَافَر بِه إِلَى الْمَمْلَكَة الْعَرَبِيَّة الْسُّعُوْدِيَّة لِيَعِيْش مَعَه فِي الْقَصِيْم لِتَلَقِّي وَمُمَارَسَة الْعُلُوم الْشَّرْعِيَّة، وَيَنْتَسِب الْشَّيْخ عَبْدِالْكَرِيْم لْمِنْطَقَة الْبِكِيْرِيَّة، وَلَا يُعْرَف الْعَامِرِي هَل ان الْبِكِيْرِيَّة مَنْسُوْبَة لَهُم أَم أَن اسْم قَبِيْلَتِهِم يُنْسَب لِلْبِكِيرِيّة، وَعِنْدَمَا عَاد كَان فِي الْثَّامِنَة عَشْرَة مِن عُمْرِه، وَبَعْد عَوْدَتِه مِن الْسَّفَر لَم يَهْنَأ بِصُحْبَة وَالْدِه كَثِيْرَا حَيْث حَانَت مَنِيَّتُه وَتُوُفِّي،
وَيُكَمِّل مُحَمَّد:
أَصْبَحَت الْمُعَيَّل الْوَحِيْد، ولثِّقة الْنَّاس بِي جُمِعَت مِنْهُم مَا يَكْفِي لِأَن ابْدَأ تِجَارَتِي الْخَاصَّة، فَسَافَرَت إِلَى مِنْطَقَة الْبَاطِنَة فِي سَلْطَنَة عُمَان حَيْث أَذْهَب لَهُم بِّبَضَائِع مُخْتَلِفَة وَأَشْتَرِي مِنْهُم الْتُّمُوْر، حَتَّى كُوِّنَت رَأْس مَال صَغِيْر سَاعِدْنِي عَلَى الْسَّفَر إِلَى الْهِنْد وَالْيَمَن، وَقَد كَانَت الْتِّجَارَة فِي مَجَال الْتَّصْدِيْر وَالِاسِتِيُرَاد أَفْضَل مِن فَتْح مَحَل فِي ذَلِك الْزَّمَن، حِيْن كَان مِن الْمُشِيْن أَن يَقُوْم رَجُل بِفَتْح دُكّان، وَقَد تُبْنَى بَعْض الْقَادِمِيْن مِن دُوَل الْجَوَار فَتَح الْدَّكَاكِين، وَذَلِك يَرْجِع لِثَقَافَة ذَلِك الْزَّمَان·
الْمَجْلِس وَالدُّسْتُوّر
عَمَلِي وَسِيْرَتِي وَثَقَافَتِي كَانَت مَحَل ثِقَة مِن الْأُسْرَة الْحَاكِمَة، وَقَد وَهَبَنِي الْلَّه مَلَكَة الْحِفْظ وَالْإِلْقَاء وَالْجُرْأَة فِي الْحَق وَالْمَحَافِل، وَعِنْدَمَا أَرَاد الأنْجِليز الْرَّحِيْل تَم وَضَع مُقْتَرَح أَن يَقُوْم اتِّحَاد يَضُم الْإِمَارِات الْسَّبْع وَالْبَحْرَيْن وَقَطَر لِيُشَكِّلَوْا كِيَانَا وَاحِدَا، وَكَان ذَلِك عَام 1968 فَتَم تَشْكِيل مَجْلِسَيْن، الْمَجْلِس الْأَعْلَى لِلّاتِّحَاد بِرِئَاسَة أَحْمَد بْن عَلِي حَاكِم قَطَر الْسَّابِق وَالْمَجْلِس الْوَطَنِي بِرِئَاسَة خَلِيْفَة بْن حَمَد وَالِد الْحَاكِم الْحَالِي لِدَوْلَة قَطَر، وَكَان حِيْنَذَاك وَلِيّا لِلْعَهْد، وَكَان الْمَجْلِس يَضُم أَوْلِيَاء الْعُهُود، وَلِذَلِك حِيْن انْضَم صَاحِب الْسُّمُو الْشَّيْخ حَمِيْد بْن رَاشِد الْنُعَيْمَي عُضْو الْمَجْلِس الْأَعْلَى حَاكِم إِمَارَة عَجْمَان، كَان سَمَّوْه سَمَّوْه وَلِي الْعَهْد لِلْإِمَارَة وَيُمَثِّل وَالِدِه، كُنْت أَحْضُر مَعَه الْجَلَسَات وَالَّمَنَاقَشَات، وَقَد رَغِبْنَا فِي ضَم بَقِيَّة الْدُّوَل وَلَكِن لَم نَسْتَطِع، وَبَعْد فَتْرَة انْسَحَبْت الْبَحْرَيْن ثُم قَطْر،وَعَدَنَا إِلَى مَا كُنَّا عَلَيْه سَبْع إِمَارَات، فَكَان لَابُد أَن نُوَحِّد انْفُسَنَا وَنُشَكِّل كِيَانَنَا الْخَاص بِوَحْدَتِنَا، وَقَد بَدَأَت أُمَثِّل إِمَارَة عَجْمَان قَبْل الاتِّحَاد فِي الْفَتْرَة مِن 1968-1970م، وَلِذَلِك كُنْت أَحْضُر جَلَسَات الْمَجْلِس الْأَعْلَى مَع سُمُو الْحَاكِم حَيْث كَان يَنُوْب عَن الْحَاكِم بِصِفَتِه وَلِيا لِلْعَهْد، حَتَّى قِيَام الاتِّحَاد، وَكَان ذَلِك بِالجُمِيْرا فِي دُبَي حِيْن تَم رَفْع عَلَم الْإِمَارِات، وَتَوَلَّى مَهْدِي الْتَّاجِر يَمِيْن الْقَسَم نِيَابَة عَن الْمَغْفُوْر لَه بِإِذْن الْلَّه الْشَّيْخ زَايِد· حِيْن قَرَّرُوْا عَقْد أَوَّل جَلْسَة لِلْمَجْلِس الْوَطَنِي قَبْل وَضْع الْدُّسْتُور أَيْضا، وَقَبْل الْتَّشْكِيْل تَقَرَّر أَن يَتَرَأَّس الْجَلْسَة أَكْبَر الْحُضُوْر فِي الْعُمُر، فَتَم اخْتِيَارِي لِذَلِك، وَبَعْد أَن شَكَّلُوْا مَجْلِس الْوُزَرَاء وَالْمَجْلِس الْوَطَنِي، كَان نَصِيْبِي فِي الْمَجْلِس الْوَطَنِي حِيْن تَم انْتِخَاب ثَانِي بْن عَبْدِاللّه رَئِيْسَا ان تَم انْتِخَابِي نَائِبا لِلْرَّئِيْس، وَفِي الْبِدَايَة عِنَدَمّا كَانَت أُوْلَى الْجَلَسَات تُعْقَد فِي الْمَجَالِس لَم يَكُن قَد تَم وَضْع الْقَوَانِيْن، وَقَد تَم تَشْكِيل لَجْنَة تَشْرِيْعِيَّة وَقَانُوْنِيَّة كُنْت رَئِيْسَهَا، وَكَانَت تَضُم نُخْبَة مِن المُسْتَشَّارِين، وَكُنْت فِي الْحَقِيقَة أَصْطَدِم مَعَهُم لِأَنَّهُم يُرِيْدُوْن حَصْر الْقَوَانِيْن فِي إِطَار تْخَصَاصاتِهُم·
فِي تِلْك الْمَرْحَلَة، وَكُل شَيْء يُوْلَد لِأَوَّل مَرَّة، جَاء مِن يَنْتَقِد الْمَجْلِس الْوَطَنِي فِي تَشْكِيْلَه الْأَوَّل، فَكَان أَن كَتَب مُحَمَّد بْن رَحْمَة مَقَالَة قَال فِيْهَا: إِن الْمُنْجَزَات الْسَّابِقَة يَرَاهَا مِثْل الْأَرْض الَّتِي أُرِيْد زَرْعَهَا بِأَن حَرَثْت، وَمَهَّدْت بِحَيْث أَصْبَحْت جَاهِزَة مُعَدَّة وَالْآن جَاء دَوْر الْمُزَارِع كَي يَضَع الْبُذُور وَيَغْرِس الأَشْتَال وَيَتَعَهَّدُهَا·
وَطَالَب مُحَمَّد بِالْمَزْيَد مِن الْصَّلاحِيَّات الَّتِي يَجِب ان تُعْطَى لِلْأَعْضَاء فِي الْمَجْلِسَيْن، كَمَا كُتِب عَن الْدُّسْتُور الْمُؤَقَّت الَّذِي لَا يُمْكِن اعْتِمَادُه لِدَوْلَة لَهَا تَطَلُّعَاتِهَا وَطُمُوحَاتِهَا، لِأَن بِه مَا يُعَرْقِل طَرِيْق الْتَّقَدُّم وَالْمَسِيْرة، وَقَد وُجِّه مِن خِلَال مَقَالَتِه كَلِمَة لِلْمَجْلِس الْاعْلَى لِلِاهْتِمَام بِالدُّسْتُوّر مُوَضِّحَا أَنَّه تَم خِلَال الْمَرْحَلَة الْسَّابِقَة تِجَاوَز أَكْثَر مِن نَص·
وَقَال الْشَّيْخ مُحَمَّد:
مَااسْتَطَعْت كِتَابَتِه فِي ذَلِك الْوَقْت كَان يَتَعَلَّق بِأَحْدَاث ذَلِك الْزَّمَن وَنَحْن نَكْدَح لِتَّأْسِيْس كُل شَيْء، وَالْيَوْم تُكَمِّل أَجْيَال أُخْرَى مَسِيْرَة الاتِّحَاد، وَلَكِنِّي لَا أَنْسَى ذَلِك الْزَّمَن الَّذِي أَرَاه جَمِيْلَا لِأَنَّه زَمَن الْبِنَاء، وَأَتَذَكَّر انَّنَا بَعْد مُضِي سَنَتَيْن عَلَى الِاتِّحَاد، كُنَّا سَنَعْقِد إِحْدَى جَلَسَات الْمَجْلِس الْوَطَنِي حِيْن حَضَر الْشَّيْخ زَايِد ”رَحْمَة الْلَّه عَلَيْه” الْجَلْسَة، وَقَال: انَّنِي أَرَى سِيَر عَمَلِيَّة الاتِّحَاد بَطِيْئَة· وَكَان يُقْصَد أَنَّه يَرْغَب فِي حُدُوْث انْدِمَاج كُلِّي يَشْمَل كُل الْجَوَانِب بَيْن الْإِمَارِات·
كَمَا أَتَذْكُر أَنَّه فِي لِقَاء لَه بِصَاحِب الْسُّمُو الْشَّيْخ حَمِيْد سَأَلَه عَنِّي الْشَّيْخ زَايِد قَائِلا: شُو أَخَبَار خَوَيْكُم بُوَلِّسَانِين، فَقَد جَاء لِي وَلَم أَسْتَطِع الْفِكَاك مِنْه، وَعِنْدَمَا قَابَلَنِي ذَات يَوْم سَأَلَنِي، قَائِلا: تُسَمَّى الْعَامِرِي وَنَحْن نَعْرِف أَنَّك مِن الْشُوُامِس، فَهَل أَنْت شَامِسِي أَم عَامِرِي، فَأَجَبْتَه بَل شَامِسِي وَلَقَبِي عَامِرِي، فَطَلَب أَن أَخْبَرَه بِالْقِصَّة، فَقُلْت لَه: كَان لِي عَم هُو شَقِيْق وَالِدَي يُسَمَّى مُحَمَّد، وَكَان يُحِب الْعَوَامِر وَيُقَلِّد كُل تَصَرُّفَاتِهِم وَأُسلُوبِهُم الْحَيَاتِي حَتَّى أَصْبَح الْنَّاس يُطْلِقُون عَلَيْه الْعَامِرِي، ثُم تُوُفِّي ذَلِك الْعَم، وَعِنْدَمَا رِزْق الْلَّه وَالِدَي بِي أُطْلِق عَلَي اسْم مُحَمّد كَان الْنَّاس وَالمُهَنِئُون يَسْأَلُوْن: عَلَى مَن سَمَّيْتَه مُحَمَّد فَكَان يَقُوْل عَلَى أَخِي مُحَمَّد، فأَصَحِبُوا يَقُوْلُوْن: عَلَى مُحَمَّد الْعَامِرِي؟ وَهَكَذَا أَصْبَحُوْا يُلَقّبُونَنَي بِلَقَب عُمْي·
أَيْضا فِي يَوْم الْتَقَيْنَا فِي مَجْلِس مِن الْمَجْالِس مَع فَقِيْدَنا الْرَّاحِل زَايِد الْلَّه يَرْحَمْه فَبَادَرَنِي قَائِلا: مَانْشُوفِك؟ فَقُلْت لَه مُجِيْبَا: نَحْن بَعِيْدُوْن وَلَكِن قُلُوْبَنَا مَعَك، وَنَحْن مَعَك، فَتَبَسَّم وَوَجْهُه يَتَلَأْلَأ، فَقَد كَان رَحْمَة الْلَّه عَلَيْه يُحِب الْجُلُوْس وَسْط الْنَّاس مَن كُل الْطَّبَقَات وَيَأْنَس لِلْجَمِيْع.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *