الْشَّيْخ /مُحَمَّد بْن عَبْدِالْلَّه بْن مُحَمَّد الْشَّيْبَة (حَفَظَة الْلَّه)
وَلَد مُحَمَّد عَبْدُالْلَّه الْشَّيْبَة فِي إِمَارَة عَجْمَان عَام 1923 مِيْلَّادِيَّة، حَسَب الْتَّقْدِيْرَات، وَهُو يَتَذَكَّر انَّه شَاهِد الْرَّخَاء عِنْدَمَا تَعْرِف إِلَى الْدُّنْيَا فِي حَوْلِه وَهُو طِفْل، وَذَلِك بِسَبَب رَوَاج سُوْق كَان وَالِدُه يُقَال لَه جَوَاهرّجي، لِأَنَّه طْوَاش يُتاجر بِالْلُّؤْلُؤ، وَيَتَذَكَّر أَن سُفُن الْغَوْص كَانَت تُسَافِر فِي ثَلَاث إِلَى خَمْس مَرَّات فِي الْسَّنَة الْوَاحِدَة، وَقَد كَان فِي إِمَارَة عَجْمَان عِدَّة تُجَّار لِلُّؤْلُؤ، مِنْهُم حَمِيْد بْن سَيْف الْحُمْرَانِي، وَرَاشِد بْن سَيْف الْحُمْرَانِي، وَآَل لوَتَاه الَّذِيْن سَكَن بَعْضُهُم فِي إِمَارَة عَجْمَان.وَالِدِه، رَحْمَة الْلَّه عَلَيْه، كَان يَخْرُج إِلَى الْبَحْر بِاتِّجَاه جَزِيِّرَتِي دَاس وَصَيِّر بوَنُعِيّر، وَكَانَت تِلْك الْرِحْلَات فِي أَمْتَع الْرِحْلَات بِالْنِّسْبَة لِمُحَمَّد الْشَّيْبَة الَّذِي لَم يَكُن قَد تَجَاوَز الْثَامِنَة فِي عُمُرِه، وَيَتَذَكَّر الْشَّيْبَة أَن كُل فِي حَوْلِه كَانُوْا تُجَّارَا، يَعِيْشُوْن فِي نِعْمَة وَخَيْر، وَحَتَّى أَبْسُط الْنَّاس رِزْقا لَم يَكُن يَشْكُو فِي الْفَقْر، وَقَد كَان الْغِيْص يَحْصُل إِلَى حَوَالَي مِائَتَي أَو ثَلَاثِمِائَة رُوْبِيَّة، وَهِي تُسَاوِي الْيَوْم قَرَابَة الْمَلْيُوْن دِرْهَم، كَمَا كَان يَزُوْر مَنْزِلِه الْعَائِلِي الْكَثِير فِي الْنَّاس فِي الْبَدْو وَمَن الْحْيُوّر، وَهُم سُكَّان الْمَنَاطِق الْقَرِيْبَة فِي الْجِبَال، وَلَكِن فِي عَام 1933 بَدَأ الْاقْتِصَاد فِي أُوْرُوبَّا يَتَزَعْزَع وَسَقَط سُوْق الْلُّؤْلُؤ، كَمَا بَدَأ شَبَح الْفَقْر يَزْحَف حِيْن حَدَثَت الْحَرْب الْعَالَمِيَّة الْثَانِيَة الَّتِي قَضَت إِلَى كُل شَيْء تَقْرِيبِا.
فِي ضِيَافَة الْشُّيُوخ
بِحُكْم قُرْبُهُم، فِي قَبَلِيَّة نَعِيْم، فِي الْشُيُوْخ فِي الْإِمَارَة، لَاحَظ الْشَّيْبَة أَن وَالْدَه يَذْهَب يَوْمِيَّا إِلَى رَاشِد بْن حُمَيْد الْنُعَيْمَي، رَحْمَة الْلَّه عَلَيْه، حَاكِم الْامَّارَة فِي تِلْك الْفَتْرَة، وَكَان الْشَّيْبَة يُقَلِّد وَالِدِه فِي كُل شَيْء، وَيُحِب مُرَافَقَتَه حَيْث يَذْهَب، خَاصَّة انَّه كَثِيْر الْتَّرَدُّد إِلَى الْشَّارِقَة وَدُبَي، وَحِيْن كَان يَذْهَب كطْوَاش قَبْل سُقُوْط سُوْق الْلُّؤْلُؤ كَان يُسَافِر مَعَه بِالْبَحْر إِلَى مَتْن الْسُّفُن، وَقَد كَان وَالِدُه قَد أَشْتَرِى لِنَفْسِه سَفِيْنَة، كَمَا كَان يُلَازِمُه فِي الْذَّهَاب لِلْصَّلاة فِي الْمَسَاجِد، وَكَثِيْرا مَا قَام وَوَالِدِه بِزِيَارَة بَعْد صَلَاة الْمَغْرِب إِلَى قَصْر الْحَاكِم، حَيْث يَبْقَيَان بِصُحْبَتِه حَتَّى يُصَلِّي الْجَمِيْع صَلَاة الْعِشَاء جَمَاعَة، ثُم يَتَنَاوَلُوْن الْعِشَاء.
فِي الْكَتَّاتِيب
بَيْن فِي كَان يَحْضُر تِلْك الامْسِيَات مُحَمَّد بْن مُبَارَك، وَهُو مُؤَدِّب الْإِبِل، وَرَاشِد بْن خَصِيَّف الَّذِي يَرْتَبِط بِصِلَة نُسِب مَع الْشُّيُوخ، كَمَا كَان يَحْضُر بَعْض الْأُمْسِيَات عَوَّاس، وَهُو مُرَبِّي الْخُيُول، وَخِلَال تِلْك الْمَرْحَلَة فِي الْطُّفُوْلَة دَخَل الْشَّيْبَة إِلَى الْمْطَوِّع أَو الْكَتَّاتِيب، وَقَد وُجِد أَن الْمْطَوِّع لَا يَعْتَمِد الْتَّجْوِيْد وَلَكِن تَحْفِيْظ الْقُرْآن، وَكَان يَقُوْم بِضَرْب الْأَطْفَال وَالْصِّبْيَة، وَلِذَلِك انْتَقَل إِلَى مَرْيَم، وَهِي مُطَوَّعة تَعْمَل فِي الْشُّيُوخ، ثُم انْتَظَم فِي عَبْدُالْعَزِيْز الْنَّجْدِي، حَتَّى تَم فَتُح مَدْرَسَة عَام 1933، وَهِي مَدْرَسَة الْفَتْح وَكَان أُسْتَاذِهَا عَبْدِالْكَرِيْم الْبَكْرِي الَّذِي جَاء فِي قَرْيَة الْبِكِيْرِيَّة فِي الْقَصِيْم بِالْمَمْلَكَة الْعَرَبِيَّة الْسُّعُوْدِيَّة.
بِدَايَّة الْتَّعْلِيْم
كَان الْبَكْرِي قَد سَافَر إِلَى الْهِنْد، حَيْث تَعْلَم هُنَاك لِمُدَّة تِسْع سَنَوَات إِلَى يَد عُلَمَاء، وَعِنْدَمَا عَاد كَانَت بِدَايَة عَهْد حُكْم الْشَّيْخ رَاشِد بْن حُمَيْد الْنُعَيْمَي، وَقَد كَان مُحِبّا لِلْعِلْم، وَعِنْد وُصُوْل الْبَكْرِي إِلَى إِمَارَة عَجْمَان نَزَل فِي ضِيَافَة حَمِيْد بْن عَلِي الْمَزرُوعِي، وَالِد مُؤَسِّس وَرَاعِي جَرِيْدَة الْفَجْر، وَكَثِيْرا مَاجَلَس الْشَّيْبَة وَوَالِدِه فِي الْمَزرُوعِي، وَقَد كَان خَال وَالِد الْشَّيْبَة يَمْلِك مَسَاحَة كَبِيْرَة فِي الْأَرْض، كَمَا كَان يَمْلِك صَفَّا فِي الْدَّكَاكِين، وَلِذَلِك عِنْدَمَا كَان الْحَدِيْث يَدُوْر حَوْل إِمْكَانِيَّة تَّأْسِيْس مَدْرَسَة لِيُدِيْرَهَا الْبَكْرِي وَيَتَعَلَّم فِيْهَا أَبْنَاء عَجْمَان، قَام بَالَتَبَرُّع بِالْأَرْض وَجَعَل رِيْع الْبَيْع فِي الْدَّكَاكِين وَقْفَا خَاصَّا بِالْمَدْرَسَة.
مَدْرَسَة وَحَرْب
سَجِّل الْشَّيْبَة فِي الْمَدْرَسَة مُنْذ الْعَام 1933 وَكَان يَتَعَلَّم إِلَى يَد ابْرَاهِيْم بْن نَصَّار الْخَط، وَيَتَعَلَّم الْرِّيَاضِيَّات إِلَى يَد عَبْد الْعَزِيْز الصَّفَّار، وَالْنَّحْو إِلَى يَد الْشَّيْخ حَمَّد بْن مُحَارِب، لِطُلاب،وَيُذْكَر الْشِيبّه أَن الْشَّيْخ الْبَكْرِي، رَحْمَة الْلَّه عَلَيْه، عِنَدَمّا تَصِل الَيْه الْوَجْبَة فِي الْطَّعَام كَان يَضَعُهَا وَيَتَأَخَّر عَنْهَا كَي يَأْكُل مِنْهَا ا وَلَكِن بَدْء الْحَرْب الْعَالَمِيَّة أَثَر إِلَى كُل شَيْء، وَلِذَلِك تَرَك الْشَّيْبَة الْدِّرَاسَة عَام1938.وَكَان الْشَّيْخ الْبَكْرِي يَعْلَمُهُم الْفِقْه، وَكَان الْشَّيْخ عَبْدِالْكَرِيْم يَكْفِي الْشَّيْخ الْبَكْرِي حَاجتِة فِي الْوَجَبَات الْغِذَائِيَّة الَّتِي تَأْتِيَه جَاهِزَة،
بَدَأ الْرِّجَال بِالْسَّفَر بَحْثَا عَن الْرِّزْق فِي دُوَل أُخْرَى كَانَت شَرِكَات الْبِتْرُوْل قَد بَدَأَت الْعَمَل فِيْهَا، وَلِذَلِك سَافَر الْشَّيْبَة مَع شَقِيْقَة إِلَى الْكُوَيْت وَأَشْتُغّل فِي عِدَّة مِهِن، وَأَسْتَقِر فِي مِنْطَقَة الْفُحَيْحِيل حِيْن عَمَل فِي الْصِّحَّة، وَكَان الْرِاتِب حَوَالَي مَائَة وَخَمْسِيْن دِرْهَمَا، وَكَان وَالِدُه يَبْعَث لَه أَحْيَانا بِالْمَزْيَد فِي الْمَال، وَاسْتَطَاع الْزَّوَاج، وَهُو فِي عُمْر الْثَّامِنَة عَشْرَة، وَيُعَد عُمْرَا مُتَأَخِّرَا بِالْنِّسْبَة لِشَبَاب تِلْك الْمَرْحَلَة، وَكَان يَعْمَل وَزَوْجَتُه الَّتِي كَانَت فِي الْكُوَيْت إِلَى تَوْفِيْر شَيْء فِي الْمَال.
زَمَن الْسَّعَة
فِي عَام 1956 قَام بِفَتْح أَوَّل مَرْكَز صَحَّي فِي مَنْزِل شَعْبِي اسْتَأْجِرْه فِي اجَل ذَلِك، وَاسْتَمَر ذَلِك الْمَرْكَز فِي الْخِدْمَة مُدَّة أَرْبَعَة عَشَر عَاما، حَتَّى تَم فَتُح مُجَمَّع طِبِّي فِي قُبُل حُكُوْمَة دَوْلَة الْكُوَيْت، فَقَام مُحَمَّد الْشَّيْبَة بِالتَّقَدُّم لِلْعَمَل فِيْه، وَكَان يُسَافِر إِلَى الَامَّارَات بِصُوْرَة دَوْرِيَّة، وَتُمَكِّن فِي الْسِتِّينَات فِي بِنَاء مَنْزِل كَبِيْر لِأُسْرَتِه فِي الْكُوَيْت، إِذ كَان قَد فُتِح عِدَّة صَيَدْلِيَات، وَكَان دَخَلَهَا جَيِّدَا، وَفِي كُل زِيَارَة للامَارَات كَان يَعْمِد إِلَى شِرَاء قِطَع فِي الْأَرَاضِي، كَمَا كَان الْحَاكِم يَقُوْم بِمَنْحِه ارْاض صِنَاعِيَّة وَزِرَاعِيَّة وَتِجَارِيَّة.
يَتَذَكَّر مُحَمَّد أَنَّه عِنْدَمَا بَدَأ فِي زِيَارَة الَامَّارَات تَزَوَّج مُجَدَّدَا فَي ابْنَة عَمِّه، وَلَم يُحَدِّث خِلَال زَوَاجِه أَن غَادَرْت أَي زَوْجَة إِلَى مَنْزِل أَهْلِهَا بِسَبَب غَضِب أَو مُشْكِلَة، وَلِذَلِك مَضَى إِلَى زَوَاجِه الْأَوَّل مَا يَزِيْد إِلَى سِتِّيْن عَاما، وَعَلَى الْزَّوَاج فِي ابْنَة الْعَم مَايِزِيْد إِلَى أَرْبَعِيْن عَاما، وَقَد أَنْجَب الْشَّيْبَة أَرْبَعَة عَشَر فِي الْذُّكُوْر وَالْإِنَاث، وَلَدَيْه مَايِزِيْد عَن ثَمَانِيَن حَفِيْدا.
وَمِن أَهَم الْذِّكْرَيَات الَّتِي لَا يَنْسَاهَا مُحَمَّد الْشَّيْبَة تَعْرِض الْكُوَيْت لِلْتَّهْدِيْد بِالْغَزْو فِي قُبُل عَبْدِالْكَرِيْم قَاسِم فِي الْسِتِّينِيَات، وَقَد قَام يَوْمَهَا بِالإِنْضمُام إِلَى الْقُوَّات الْكُوَيْتِيَّة وَتُدَرَّب مَع الْقُوَّات الْعَسْكَرِيَّة، حَيْث تَدَخَّلَت عِدَّة دُوَل عَرَبِيَّة ضِد فِكْرَة عَبْدِالْكَرِيْم قَاسِم وَمَطامِعَه، مِّمَّا جَعَلَه يَتَرَاجَع عَن تَهْدِيْدَاتِه، خَاصَّة أَن الْكُوَيْت دَوْلَة حُرَّة وَمُسْتقلّة، وَفِي آَوَاخِر الْسِتِّينِيَات بَدَأ الْشَّيْبَة بِبَيْع أَمْلَاكَه فِي دَوْلَة الْكُوَيْت فِي أَجَل الْعَوْدَة نِهَائِيّا إِلَى الْإِمَارِات.
الْعَوْدَة إِلَى الْإِمَارِات
عِنْدَمَا عَاد الْشَّيْبَة إِلَى الَامَّارَات عَمِل مُنْذ الْعَام 1975 إِلَى عَام 2004 مُدَّيْرَا لْمِنْطَقَة عَجْمَان الْطَّبِّيَّة، وَقَضَى مُعْظَم وَقْتِه بَيْن الْعَيْادْات وَالْمُسْتَشْفَيِات، وَلَكِن فِي ذَات الْوَقْت وُجِد الْوَقْت لِلْأُسْرَة وَالْأَبْنَاء، وَهُو يُعْتَبَر أَن لِقَاء الْأَبْنَاء وَالْأَحْفَاد فِي أَمْتَع اللَّحَظَات بِالْنِّسْبَة لَه، وَأَيْضَا فِي أَمْتَع ذِكْرَيّاتِه تِلْك الْمُتَعَلِّقَة بِرِحْلاتِه إِلَى دُوَل مُخْتَلِفَة فِي الْعَالَم، وَلَكِنَّه وَجَد أَن لَيْس كُل شَعْب يُمْكِن مُصَاحَبَة وَمُصَادَقَة أَهْلِه فِي الْسَّفَر الَيْهِم، إِلَا أَن سَفَرِه إِلَى الْوِلَايَات الْمُتَّحِدَة الْأَمِيرِكِيَّة جَعَلَه يَرَى أَن الْشَّعْب وَدُوْد وَمِضْيَاف وَيُبَادِر بِالْتَّحِيَّة، وَإِن حَدَث وَتَوَقَّف إِنْسَان فِي بَاب أَحَدُهُم لِلْسُّؤَال عَن عُنْوَان فَإِن صَاحِب الْمَنْزِل يَدْعُو الْسَّائِل إِلَى الْتَّفَضُّل بِالْدُّخُوْل، وَقَد سَافَر إِلَى أُوْزْبَكِسْتَان وَعَاش فِيْهَا ثَمَانِي سَنَوَات، ثُم إِلَى قيَّرْغِيزِسْتَان الَّتِي بَقِى فِيْهَا مُدَّة أَرْبَع سَنَوَات، كَمَا زَار الْقُوقَاز وَهِي بِلَاد الشَّركَس.
ذِكْرَيَات فِي الْعَالَم
الْفَتْرَة الَّتِي قَضَاهَا الْشَّيْبَة فِي الْسَّفَر هُنَاك كَانَت بِسَبَب وَد وَرَحَابَة صَدْر أُهِل تِلْك الْدُّوَل، وَلِأَن الْأَجْوَاء لَدَيْهِم رَائِعَة، فَقَد تَجُوْل فِيْهَا لِلْتَعَرُّف إِلَى أَهَم الْمَعَالِم، كَمَا سَافَر إِلَى سَمَرْقَنْد لِرُؤْيَة الْآَثَار وَلْمُشَاهَدَة الْمِسَلَّة الْعَجِيْبَة، وَتُعْتَبَر سَمَرْقَنْد ثَانِي مُدُن أُوْزْبَكِسْتَان فِي بِلَاد الْسُوفَّيَيت، وَقَد سُمِّيَت فِي فَتْرَة مَا الْيَاقُوْتَة بِسَبَب كَثَافَة الْخُضْرَة وَإِطْلَالْتِهَا إِلَى نَهْر، وَهِي تَنَافُس بُخَارَى، وَكَانَت قَد أُعِدَّت فِي تَيْمُورلَنْك لِتَكُوْن عَاصِمَة، وَمِن أَهَم مَعَالِمُهَا بَاب الْصِّيْن وَبَاب بُخَارَى وَالْبَاب الْكَبِيْر، وَتُعَد تِلْك الْمَرْحَلَة أَيْضا لِلْتَّمَتُّع بِالْنِّعَم الَّتِي انْعَم الْلَّه بِهَا إِلَى تِلْك الْدُّوَل، حَيْث كَان الْشَّيْبَة يُشَاهَد أَنْوَاعِا مُخْتَلِفَة وَجَدِيْدَة فِي الْخُضَار وَالْفَاكِهَة بِأَحْجَام غَيْر طَبِيْعِيّة وَطَعْم شَدِيْدَة الْلَّذَّة، وَكَان يُرَافِقُه فِي رِحْلَاتِه تِلْك صُبْحِي الْقِشْطَة وَابْرَاهِيْم بْن صَالِح. وَحُلُم بِزِيَارَة بُخَارَى بَلَد الْامَام الْبُخَارِي، وَلَكِن قِيَل لَه أَن الْطَّرِيْق شَاق جَدَّا، وَمِن أَهَم الْذِّكْرَيَات حَمْل الْمُسَاعَدَات لِلْمَسَاجِد وَالْمَدَارِس، وَمَن أَجْمَل الْمَوَاقِع الَّتِي شَاهَدَهَا مِنْطَقَة أْبَرُوس الْثَلْجِيَّة.
الْيَوْم يَقْضِي الْشَّيْبَة وَقْتِه فِي صُنْدُوْق عَجْمَان الْوَقْفِي، وَهُو يَقُوْل إِن الْعُمْر لَه حُكْم إِلَى الْإِنْسَان، فَهُو يُعَانِي حَالِيّا فِي ضَعْف فِي الْبَصَر، وَقِلَّة فِي الْسَّمْع، رَغْم ذَاكِرَتِه الْقَوِيَّة، وَهُو يَنْظُر إِلَى ابْنَائِه الْيَوْم بِكُل فَخْر بَعْد أَن قَام بِتَرَبِيْهُم إِلَى الْفَضِيْلَة وَالْعَمَل بِإِخْلاص وَوَفَاء.